وأولى القراءتين عندي في ذلك بالصواب، قراءة من قرأه بسكون اللام على وجه التهديد والوعيد، وذلك أن الذين قرأوه بكسر اللام زعموا أنهم إنما اختاروا كسرها عطفا بها على اللام التي في قوله: ليكفروا، وأن قوله ليكفروا لما كان معناه: كي يكفروا كان الصواب في قوله وليتمتعوا أن يكون: وكي يتمتعوا، إذ كان عطفا على قوله:
ليكفروا عندهم، وليس الذي ذهبوا من ذلك بمذهب، وذلك لان لام قوله ليكفروا صلحت أن تكون بمعنى كي، لأنها شرط لقوله: إذا هم يشركون بالله كي يكفروا بما آتيناهم من النعم، وليس ذلك كذلك في قوله وليتمتعوا لان إشراكهم بالله كان كفرا بنعمته، وليس إشراكهم به تمتعا بالدنيا، وإن كان الاشراك به يسهل لهم سبيل التمتع بها فإذ كان ذلك كذلك فتوجيهه إلى معنى الوعيد أولى وأحق من توجيهه إلى معنى: وكي يتمتعوا.
وبعد فقد ذكر أن ذلك في قراءة أبي: وتمتعوا وذلك دليل على صحة من قرأه بسكون اللام بمعنى الوعيد.
وقوله: أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا يقول تعالى ذكره مذكرا هؤلاء المشركين من قريش، القائلين: لولا أنزل عليه آية من ربه، نعمته عليهم التي خصهم بها دون سائر الناس غيرهم مع كفرهم بنعمته وإشراكهم في عبادته الآلهة والأنداد: أو لم ير هؤلاء المشركون من قريش، ما خصصناهم به من نعمتنا عليهم دون سائر عبادنا، فيشكرونا على ذلك، وينزجروا عن كفرهم بنا، وإشراكهم ما لا ينفعنا ولا يضرهم في عبادتنا أنا جعلنا بلدهم حرما، حرمنا على الناس أن يدخلوه بغارة أو حرب، آمنا، يأمن فيه من سكنه، فأوى إليه من السباء والخوف والحرام الذي لا يأمنه غيرهم من الناس ويتخطف الناس من حولهم يقول: وتسلب الناس من حولهم قتلا وسباء. كما:
21218 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم قال: كان لهم في ذلك آية أن الناس يغزون ويتخطفون وهم آمنون.
وقوله: أفبالباطل يؤمنون يقول: أفبالشرك بالله يقرون بألوهة الأوثان بأن يصدقوا، وبنعمة الله التي خصهم بها من أن جعل بلدهم حرما آمنا يكفرون، يعني بقوله يكفرون: يجحدون. كما:
21219 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله أفبالباطل يؤمنون: أي بالشرك وبنعمة الله يكفرون: أي يجحدون. القول في تأويل قوله تعالى: