" كشطت ": من (الكشط) على وزن (كشف)، بمعنى قلع جلد الناقة، كما قال الراغب في مفرداته، وأما في (لسان العرب) فتعني: كشف الغطاء عن الشئ، و " تكشط السحاب " أي، تقطع وتفرق.
وما يراد من " كشطت " في الآية، هو: رفع الحجب الفاصلة بين العالمين الدنيوي والعلوي، التي تمنع رؤية الناس للملائكة أو الجنة والنار، فيرى الإنسان حينها عالم الوجود شاخص أمام ناظريه شخوصا حقيقيا، وكما تصور الآيات التالية ذلك، حيث أن الجنة ستقترب من الإنسان ليرى نعيمها، وتزداد النار سعيرا لاهبة.
نعم، أوليس يوم القيامة (يوم البروز).. فلا الحقائق ستخفى، ولا يكون للحجب أثرا.
فالآية وما سبقها وسيلحقا إذن (حسب التفسير أعلاه) قد تحدثت عن المرحلة الثانية للقيامة - مرحلة ما بعد البعث - فما ذكره كثير من المفسرين، من كون الآية تشير إلى انهيار وتحطم السماوات، والمتعلق بحوادث المرحلة الأولى للقيامة (مرحلة الفناء العام)، يبدو أنه بعيد، لإنه لا ينسجم مع معنى " كشطت " من جهة أخرى.
ويتأكد ذلك بوضوح من خلال الآية: وإذا الجحيم سعرت.
فجهنم موجودة في كل الأوقات، ولكن حجب الدنيا هي المانعة من رؤيتها، فالآية على سياق الآية (49) من سورة التوبة: وإن جهنم لمحيطة بالكافرين، وكما أن جهنم موجودة فالجنة كذلك بدلالة آيات قرآنية كثيرة (1).
ويبين البيان القرآني بذات السياق السابق: وإذا الجنة أزلفت.
وهذا المعنى هو تكرار لما جاء في الآية (90) من سورة الشعراء: وأزلفت