" الصاخة ": من (صخ)، وهو الصوت الشديد الذي يكاد أن يأخذ بسمع الإنسان، ويشير في الآية إلى نفخة الصور الثانية، وهي الصيحة الرهيبة التي تعيد الحياة إلى الموجودات بعد موتها جميعا ليبدأ منها يوم الحشر.
نعم، فالصيحة من الشدة بحيث تذهله عن كل ما كان مرتبطا به، سوى نفسه وأعماله.
ولذا، تأتي الآية التالية، ولتقول مباشرة: يوم يفر المرء من أخيه.
ذلك الأخ الذي ما كان يفارقه وقد ارتبط به بوشائج الاخوة الحقة!
وكذلك: امه وأبيه.
حتى: وصاحبته وبنيه.
فوحشة ورهبة يوم القيامة لا تنسي الأخ والام والأب والزوجة والأولاد فحسب، بل وتتعدى إلى الفرار منهم، وعندما ستتقطع كل روابط وعلاقات الإنسان الفرد مع الآخرين... فحينها سوف لا يهتم إلا نفسه وما قدم، وسينسى:
امه التي كانت تحبه وتفديه..
وأبو الذي رباه واحترمه..
وزوجته التي لا تعرف غيره..
وأولاده.. ثمرة كبده وقرة عينه..
وقيل: إنما يكون الفرار للتهرب من الحقوق التي لهم عليه، وهو عاجز عن أدائها.
وقيل أيضا: إنما يفر المؤمنون خاصة من أقربائهم من غير المؤمنين وغير المتقين، خوفا من الإصابة بما سيصيب أولئك من عقاب.