وقيل: إنها لمن سيكون له نظر في يوم القيامة، لأن الآية (124) من سورة طه قد صرحت بأن البعض سيحشر أعمى: ونحشره يوم القيامة أعمى، ويعتمد ستكون أكثر المفسرين على التفسير الأول لمناسبته للمقام، لأن رؤية جهنم من قبل العاصين ستكون أكثر إيلاما لهم، إضافة إلى أن العمى المشار إليه، ربما يكون في موقف معين من مواقف يوم القيامة، وليس دائما (1).
وفي الآيات الثلاثة التالية، يشير القرآن إلى حال المجرمين والطغاة يوم القيامة: فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى (2).
والآية الأولى تشير إلى فساد عقائد الطغاة، لأن الطغيان ينشأ من الغرور، والغرور من نتائج عدم معرفة الباري جل شأنه.
وبمعرفة عظمة وجلال الله يتصاغر الإنسان ويتصاغر حتى يكاد لا يرى لنفسه أثرا، وعندها سوف لن تزل قدمه عن جادة العبودية الحقة، ما دام سلوكه يصب في رافد معرفة الله.
والآية الثانية تشير إلى فسادهم العملي، لأن الطغيان يوقع الإنسان في شراك اللذائذ الوقتية الفانية ذروة الطموح ومنتهى الأمل، فينساق واهما لأن يجعلها فوق كل شئ!
والأمران في واقعهما كالعلة والمعلول، فالطغيان وفساد العقدة مفتاح فساد العمل وحب الدنيا المفرط، ولا يجران إلا إلى سوء عقبى الدار، نار جهنم خالدين فيها أبدا.
وعن أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، أنه قال: " ومن طغى ضل على عمل بلا حجة " (3)، فالغرور يرى صاحبه الهوى حق: على الرغم من عدم امتلاكه الدليل أو