الغرور؟ ويجيب ثانيا على المستهزئين بالمعاد فيقول: إذا كنتم في شك من المعاد فتمعنوا في حال هذه النطفة، وانظروا كيف خلقنا موجودا بديعا من قطرة ماء قذرة يتطور فيها الجنين كل يوم يتخذ شكلا جديدا، ألم يقدر خالق الإنسان من هذه النطفة أن يعيد إليه الحياة بعد دفنه.
ثالثا: كيف يطمعون في الجنة وفي صحائفهم كل هذه الذنوب؟ لأن الموجود الذي خلق من نطفة لا يمكن أن يكون له قيمة مادية، وإذا كانت له قيمة وكرامة فإن ذلك لإيمانه وعمله الصالح، وأولئك قد فقدوا هذه الصفات، فكيف ينتظرون الدخول إلى الجنة؟! (1) ثم يقول تعالى مؤكدا ذلك: فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون على أن نبدل خيرا منهم وما نحن بمسبوقين.
لعل هذه الجملة إشارة إلى أننا لسنا قادرين على أن نعيد لهم الحياة بعد الموت فحسب، بل إننا نستطيع أن نبدله إلى أكمل الموجودات وأفضلها، ولا يمنعنا من ذلك شئ.
وعلى هذا فإن السياق هو إدامة لبحث المعاد، أو هو إشارة إلى أننا نهلككم جزاء لأعمالكم ولا يمنعنا من ذلك شئ، ونستبدل بكم مؤمنين واعين، ليكونوا أنصارا للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا يضرنا ذلك شيئا، ولهذا إن كنا نلح عليكم أن تؤمنوا فليس من باب العجز والاحتياج، بل من أجل تربية البشرية وهدايتها.
يمكن أن يكون المراد ب رب المشارق والمغارب بأن الله الذي يقدر على أن يجعل للشمس العظيمة مشرقا ومغربا جديدين في كل يوم، ويكون بنظام دقيق من دون أية زيادة ونقصان مدى ملايين السنين قادر على أن يعيد