3 - القسم الأول والثاني ناظر إلى الرياح والأعاصير، والقسم الثالث والرابع والخامس يتعلق بنشر آيات الحق بواسطة الملائكة، ثم فصل الحق عن الباطل، وبعد ذلك إلقاء الذكر والأوامر الإلهية على الأنبياء بقصد إتمام الحجة والإنذار.
وما يمكن أن يكون شاهدا على التفسير الثالث هو:
أولا: فصل المجموعتين من الأقسام التي في الآيات (بالواو)، والحال أن البقية عطفت بالفاء وهي علامة ارتباطها.
ثانيا: إن هذه الأيمان كما سوف نرى واردة لموضوع الآية السابعة، أي أحقية البعث والمعاد وواقعيته، ونعلم أن تغيرا عظيما يحصل في الدنيا عند البعث حيث العواصف الشديدة والزلازل والحوادث المهيبة من جهة، ثم تشكيل محكمة العدل الإلهية من جهة أخرى وعندها تنشر الملائكة صحائف الأعمال وتفصل بين المؤمنين والكافرين، وتلقي بالحكم الإلهي في هذا المجال.
وطبقا لهذا التفسير سوف يتناسب القسم مع المقسم له، ولهذا فإن التفسير الأخير أفضل.
" الذكر " في جملة: فالملقيات ذكرا أما أن يكون بمعنى العلوم الملقاة على الأنبياء، أو الآيات النازلة عليهم، ونعلم أن القرآن جاء التعبير عنه بالذكر كما في الآية (6) من سورة الحجر: وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون.
كلمة " الملقيات " بصيغة الجمع مع أن ملك الوحي - أي جبرئيل (عليه السلام) - واحد ليس إلا لما يستفاد من الروايات أن جماعات كثيرة من الملائكة كانوا يصاحبون جبرئيل (عليه السلام) عند نزول الآيات القرآنية، كقوله تعالى في الآية (15) من سورة عبس: بأيدي سفرة.
والآن لابد أن نرى الغرض من هذه الأيمان، الآية التالية ترفع الستار عن هذا المعنى، فتقول: إنما توعدون لواقع.