عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا (1) (2).
هذه العين من الشراب الطهور وضعها الله تعالى تحت تصرفهم، فهي تجري أينما شاءوا، والظريف هو ما نقل عن الإمام الباقر (عليه السلام) إذ قال في وصفها: " هي عين في دار النبي تفجر إلى دور الأنبياء والمؤمنين ".
نعم فكما تتفجر عيون العلم والرحمة من بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وتجري إلى قلوب عباد الله الصالحين، كذلك في الآخرة حيث التجسم العظيم لهذا المعنى تتفجر عين الشراب الطهور الإلهي من بيت الوحي، وتنحدر فروعها، إلى بيوت المؤمنين!
" يفجرون ": من مادة تفجير، وأخذت من أصل (الفجر) ويعني الشق الواسع، سواء أكان شق الأرض أو غير ذلك، و " الفجر " نور الصبح الذي يشق ستار الليل، وأطلق على من يشق ستار الحياء والطهارة ويتعدى حدود الله (فاجر) ويراد به هنا شق الأرض.
والملاحظ أن أول ما ذكر من نعم الجنان في هذه السورة هو الشراب الطهور المعطر الخاص. لكونه يزيل كل الهموم والحسرات والقلق والأردان عند تناوله بعد الفراغ من حساب المحشر، وهو أول ما يقدم لأهل الجنان ثم ينتهون إلى السرور المطلق بالاستفادة من سائر مواهب الجنان.
ثم تتناول الآيات الأخرى ذكر أعمال " الأبرار " " وعباد الله " مع ذكر خمسة صفات توضح سبب استحقاقهم لكل هذه النعم الفريدة: فيقول تعالى يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا.
جملة (يوفون) و (يخافون) والجمل التي تليها جاءت بصيغة الفعل المضارع