نعم، كانت ذرات وجود هذا الانسان متناثرة في كل صوب وبين الأتربة، بين أمواج قطرات ماء البحر. في الهواء المتناثر في جو الأرض، وهكذا اختفت المواد الأصلية لوجوده في كل زاوية من زوايا هذه المحيطات الثلاثة، وقد ضاع بينها ولا يمكن ذكره مطلقا.
ولكن هل أن المراد من الإنسان هنا هو نوع الإنسان، ويشمل بذلك عموم البشر، أم أن هذا الإنسان يختص بالنبي آدم (عليه السلام)؟
الآية الأخرى التي تقول: إنا خلقنا الإنسان من نطفة قرينة واضحة على المعنى الأول، وإن كان البعض يرى أن الإنسان في الآية الأولى يراد به آدم (عليه السلام)، والإنسان في الآية الثانية يراد به أولاده، ولكن هذا الاختلاف في هذه الفاصلة القصيرة مستبعد جدا.
وهناك أقوال في تفسير لم يكن شيئا مذكورا منها: إن الإنسان لم يكن شيئا مذكورا عندما كان في عالم النطفة والجنين، وإنما أصبح ممن يذكر عندما طوى مراحل التكامل فيما بعد، ففي حديث ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام) " كان الإنسان مذكورا في علم الله ولم يكن مذكورا في عالم الخلق " (1).
وجاء في بعض التفاسير أن المراد بالإنسان هنا هم العلماء والمفكرون الذين لم يكونوا مذكورين قبل انتشار العلم، وعند وصولهم إلى العلم وانتشاره بين الناس أصبح ذكرهم مشهورا في حياتهم وبعد موتهم.
وقيل " إن عمر بن الخطاب " قد سمع أحدا يتلو هذه السورة فقال: " ليت آدم بقي على ما كان فكان لا يلد ولا يبتلي أولاده " (2) وهذا من عجائب القول، لاعتراضه على مسألة الخلق.
ثم يأتي خلق الإنسان بعد هذه المرحلة، واعتبار ذكره، فيقول تعالى إنا