هو نفسه، لأنه أعرف بنفسه من غيره، وإن كان الله تعالى قد أعطاه شواهد أخرى كثيرة لإتمام الحجة عليه.
" بصيرة ": لها معنى مصدري بمعنى (الرؤيا والاطلاع)، ومعنى وصفي (الشخص المطلع) ولذا فسره البعض بمعنى (الحجة والدليل والبرهان) والذي هو واهب للمعرفة (1).
" معاذير ": جمع (معذرة) وتعني في الأصل البحث عما تمحى به آثار الذنوب، وقد تكون أحيانا أعذارا واقعية، وأخرى صورية وظاهرية.
وقيل: المعاذير جمع معذار، وهو الستر، والمعنى وإن أرخى الستور ليخفي ما عمل فإن نفسه شاهدة عليه، والأول أوجه.
على كل حال فإن الحاكم على الحساب والجزاء في ذلك اليوم العظيم هو المطلع على الأسرار الداخلية والخارجية، وكذلك نفس الإنسان المحاسب لنفسه، كما جاء في الآية (14) من سورة الإسراء: اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا.
إن الآيات مورد بحثنا وإن كانت تتحدث كلها عن المعاد والقيامة، فإن مفهومها واسع، ولذا فإنها تشمل عالم الدنيا، وتعلم الناس بأحوال أنفسهم وإنه كان فيهم من يكتم ويغطي وجهه الحقيقي بالكذب والاحتيال والتظاهر والمراءات.
لذا ورد في حديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) حيث قال: " ما يصنع أحدكم أن يظهر حسنا ويسر سيئا أليس إذا رجع إلى نفسه يعلم أنه ليس كذلك، والله سبحانه يقول: بل الإنسان على نفسه بصيرة إن السريرة إذا صلحت قويت العلانية " (2).