وبتعبير آخر إن هذ الخطوط الموجودة في أطراف الأصابع هي المعرفة لشخص الإنسان، ولذا صار بصم الأصابع في عصرنا هذا أمرا علميا، وبهذه الطريقة يمكن كشف الكثير من السراق والمجرمين، فيكفي في كشف السارق وضعه أصابعه على مقبض الباب، أو زجاجة الغرفة، أو قفل الصندوق وبقاء أثر خطوط أنامله عليها، ثم يؤخذ من ذلك الطبع نموذج وتتم مقابلته مع آثار أصابع اللصوص السابقين التي أخذت منهم سلفا، وهكذا يعرف المجرم والسارق.
وفي الآية الأخرى إشارة إلى أحد العلل الحقيقة لإنكار المعاد فيقول: بل يريد الإنسان ليفجر أمامه، إنهم يريدون أن يكذبوا بالبعث وينكروا المعاد، ليتسنى لهم الظلم وارتكاب المحارم والتنصل عن المسؤولية أمام الخلق، وذلك لأن الإيمان بالمعاد والقيامة ومحكمة العدل الإلهية بمثابة سد عظيم في مقابل المعاصي والذنوب والنفس الأمارة تريد كسر هذا السد وهذا الطوق ليفجر الإنسان مدى عمره ويعمل ما يشاء، وهذا ليس منحصرا بالأزمنة السابقة، بل إن إحدى علل الميول إلى المادية وإنكار المبدأ والمعاد في هذا العصر هو كسب الحرية للفجور والهروب من المسؤولية، وتحطيم كل القوانين الإلهية، وإلا فإن دلائل المبدأ والمعاد واضحة، وقد ورد في تفسير علي بن ابراهيم في توضيح معنى هذه الآية حيث قال: يقدم الذنب ويؤخر التوبة ويقول سوف أتوب.
وقيل المراد من " الفجور " و " التكذيب "، فيكون المعنى، يريد أن يكذب بالبعث الذي سوف يقع أمامه، ولكن التفسير الأول أنسب.
ثم يضيف بعد ذلك: يسأل أيان يوم القيامة.
أجل، إنه يستفهم مستنكرا عن وقوع يوم القيامة ويهرب مما كلف به لكي يفسح لنفسه طريق الفجور أمامه، والجدير بالذكر أن سؤالهم هذا عن وقت حدوث القيامة لا يعني أنهم يؤمنون بأصل القيامة، بل هو مقدمة لإنكار أصل القيامة كالذي يقول: (فلان سوف يقدم من السفر) وإذا ما تأخر فترة من الزمن يعترض من ينكر قدوم ذلك المسافر فيقول: (متى سوف يأتي المسافر)؟