تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٦ - الصفحة ٦٩
المتصف بهاتين الصفتين كثير منهم لا كلهم أولا، وإيماء إلى أن العمى والصمم المذكورين أولا شملا جميعهم على ما يدل عليه المقابلة ثانيا، وأن التوبة الإلهية لم يبطل أثرها ولم تذهب سدى بالمرة بل نجا بالتوبة بعضهم فلم يأخذهم العمى والصمم اللاحقان أخيرا ثالثا.
ثم ختم تعالى الآية بقوله: " والله بصير بما يعملون " للدلالة على أن الله تعالى لا يغفله شئ، فغيره تعالى إذا أكرم قوما بكرامة ضرب ذلك على بصره بحجاب يمنعه أن يرى منهم السوء والمكروه، وليس الله سبحانه على هذا النعت بل هو البصير لا يحجبه شئ عن شئ.
قوله تعالى: " لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم " وهذا كالبيان لكون النصارى لم تنفعهم النصرانية والانتساب إلى المسيح عليه السلام عن تعلق الكفر بهم إذ أشركوا بالله ولم يؤمنوا به حق إيمانه حيث قالوا: إن الله هو المسيح بن مريم.
والنصارى وإن اختلفوا في كيفية اشتمال المسيح بن مريم على جوهرة الألوهية بين قائل باشتقاق أقنوم المسيح وهو العلم من أقنوم الرب (تعالى) وهو الحياة، وذلك الأبوة والبنوة، وقائل بأنه تعالى صار هو المسيح على نحو الانقلاب، وقائل بأنه حل فيه كما تقدم بيان ذلك تفصيلا في الكلام على عيسى بن مريم عليه السلام في تفسير سورة آل عمران في الجزء الثالث من الكتاب.
لكن الأقوال الثلاثة جميعا تقبل الانطباق على هذه الكلمة (إن الله هو المسيح ابن مريم) فالظاهر أن المراد بالذين تفوهوا بهذه الكلمة جميع النصارى الغالين في المسيح عليه السلام لا خصوص القائلين منهم بالانقلاب.
وتوصيف المسيح بابن مريم لا يخلو من دلالة أو إشعار بسبب كفرهم وهو نسبة الألوهية إلى انسان ابن انسان مخلوقين من تراب، وأين التراب ورب الأرباب؟!
قوله تعالى: " وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربى وربكم " (إلى آخر الآية) احتجاج على كفرهم وبطلان قولهم بقول المسيح عليه السلام نفسه، فإن قوله عليه السلام:
" اعبدوا الله ربى وربكم " يدل على أنه عبد مربوب مثلهم، وقوله: " إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة " يدل على أن من يجعل لله شريكا في الوهيته فهو مشرك كافر محرم عليه الجنة.
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (بحث قرآني) سورة المائدة 5
2 (68 - 86) كلام في معنى التوحيد في القرآن (بحث قرآني) 86
3 (68 - 86) أيضا فيه 91
4 (68 - 86) أيضا فيه 103
5 (105) عرفان النفس في تسعة فصول 178
6 (106 - 109) في معنى الشهادة (بحث قرآني) 203
7 (106 - 109) في معنى العدالة (بحث قرآني) 204
8 (106 - 109) في اليمين (بحث قرآني) 208
9 (116 - 120) في الأدب في فصول: (بحث قرآني) 256
10 (116 - 120) 1 - معنى الأدب (بحث قرآني) 256
11 (116 - 120) 2 - اختلاف الآداب (بحث قرآني) 257
12 (116 - 120) 3 - معنى الأدب الإلهي (بحث قرآني) 257
13 (116 - 120) 4 - الأدب انما ينتج مع العمل (بحث قرآني) 258
14 (116 - 120) 5 - أدب النبوة العام اجمالا (بحث قرآني) 260
15 (116 - 120) 6 - أدب الأنبياء المحكي في القرآن تفصيلا (بحث قرآني) 264
16 (116 - 120) 7 - أدبهم مع ربهم بين الناس (بحث قرآني) 295
17 (116 - 120) 8 - أدب الأنبياء مع الناس (بحث قرآني) 297
18 (116 - 120) في سنن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآدابه خاصة (بحث روائي) 302
19 كلام في الرق والاستعباد في فصول: (بحث تاريخي واجتماعي) 338
20 (116 - 120) 1 - اعتبار العبودية لله سبحانه (بحث تاريخي واجتماعي) 339
21 (116 - 120) 2 - استعباد الانسان أسبابه (بحث تاريخي واجتماعي) 341
22 (116 - 120) 3 - نشوء الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
23 (116 - 120) 4 - ما الذي يراه الاسلام في ذلك؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
24 (116 - 120) 5 - ما هو السبيل إلى الاستعباد في الاسلام (بحث تاريخي واجتماعي) 346
25 (116 - 120) 6 - ما هي سيرة الاسلام في العبيد والإماء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 346
26 (116 - 120) 7 - محصل البحث في الفصول السابقة (بحث تاريخي واجتماعي) 347
27 (116 - 120) 8 - سير الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 348
28 (116 - 120) 9 - نظرة في بنائهم (بحث تاريخي واجتماعي) 350
29 (116 - 120) 10 - ما مقدار التحديد؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 352
30 (116 - 120) 11 - إلى م آل امر الإلغاء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 353
31 (116 - 120) كلام في المجازاة والعفو في فصول: (بحث قرآني) 358
32 (116 - 120) 1 - ما معنى الجزاء؟ (بحث قرآني) 358
33 (116 - 120) 2 - هل يعد المطيع عبدا للمطاع (بحث قرآني) 361
34 (116 - 120) 3 - العفو والمغفرة (بحث قرآني) 361
35 (116 - 120) 4 - للعفو مراتب (بحث قرآني) 363
36 (116 - 120) 5 - هل المؤاخذة أو المغفرة تستلزم ذنبا؟ (بحث قرآني) 372
37 (116 - 120) 6 - رابطة العمل والجزاء (بحث قرآني) 374
38 (116 - 120) 7 - والعمل يؤدي الرابطة إلى النفس (بحث قرآني) 376