وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين - 83.
وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين - 84. فأثابهم الله بما قالوا جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء المحسنين - 85.
والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم - 86.
(بيان) الآيات في نفسها تقبل الاتصال والاتساق بحسب النظم، ولا تقبل الاتصال بقوله تعالى: " ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل " (الآية) مع الغض عن قوله تعالى:
" يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك " (الآية) وأما ارتباط قوله تعالى:
" يا أيها الرسول بلغ " (الآية) فقد عرفت الكلام فيه.
والأشبه أن يكون هذه الآيات جارية على سياق الآيات السابقة من أوائل السورة إلى هنا أعني ارتباط مضامين الآيات آخذة من قوله تعالى: " ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثنى عشر نقيبا " (الآية ال 12 من السورة) إلى آخر هذه الآيات المبحوث عنها باستثناء نزرة مما تتخللها كآية الولاية وآية التبليغ وغيرهما مما تقدم البحث عنه، ومثله الكلام في اتصال آيات آخر السورة بهذه الآيات فإنها جميعا يجمعها أنها كلام يتعلق بشأن أهل الكتاب.
قوله تعالى: " قل يا أهل الكتاب لستم على شئ حتى تقيموا التوراة والإنجيل " (إلى آخر الآية)، الانسان يجد من نفسه خلال أعماله أنه إذا أراد إعمال قوة وشدة فيما يحتاج إلى ذلك، وجب أن يعتمد على مستوى يستوى عليه أو يتصل به كمن أراد أن يجذب أو يدفع أو يحمل أو يقيم شيئا ثقيلا فإنه يثبت قدميه على الأرض أولا ثم يصنع ما شاء لما يعلم أن لولا ذلك لم يتيسر له ما يريد، وقد بحث عنه في العلوم المربوطة به.