ذلك على ذاته الواحدة شيئا، ولا الصفة إذا أضيفت إلى الصفة أورث ذلك كثرة وتعددا فهو تعالى إحدى الذات لا ينقسم لا في خارج ولا في وهم ولا في عقل.
فليس الله سبحانه بحيث يتجزؤ في ذاته إلى شئ وشئ قط، ولا أن ذاته بحيث يجوز أن يضاف إليه شئ فيصير اثنين أو أكثر، كيف؟ وهو تعالى مع هذا الشئ الذي تراد إضافته إليه تعالى في وهم أو فرض أو خارج.
فهو تعالى واحد في ذاته لكن لا بالوحدة العددية التي لسائر الأشياء المتكون منها الكثرات، ولا منعوت بكثرة في ذات أو اسم، أو صفة، كيف؟ وهذه الوحدة العددية والكثرة المتألفة منها كلتاهما من آثار صنعه وإيجاده فكيف يتصف بما هو من صنعه؟.
وفى قوله تعالى: " وما من إله إلا إله واحد " من التأكيد في إثبات التوحيد ما ليس في غيره حيث سيق الكلام بنحو النفي والاستثناء، ثم أدخل " من " على النفي لإفادة تأكيد الاستغراق، ثم جئ بالمستثنى وهو قوله: " إله واحد " بالتنكير المفيد للتنويع ولو أورد معرفة كقولنا " إلا الإله الواحد " لم يفد ما يرام من حقيقة التوحيد.
فالمعنى: ليس في الوجود شئ من جنس الاله أصلا إلا إله واحد نوعا من الوحدة لا يقبل التعدد أصلا لا تعدد الذات ولا تعدد الصفات، لا خارجا ولا فرضا، ولو قيل:
وما من إله إلا الله الواحد لم يدفع به قول النصارى (إن الله ثالث ثلاثة) فإنهم لا ينكرون الوحدة فيه تعالى، وإنما يقولون: إنه ذات واحدة لها تعين بصفاتها الثلاث، وهى واحدة في عين أنها كثيرة حقيقة.
ولا يندفع ما احتملوه من المعنى إلا بإثبات وحدة لا تتألف منه كثرة أصلا، وهو الذي يتوخاه القرآن الكريم بقوله: " وما من إله إلا إله واحد ".
وهذا من لطائف المعاني التي يلوح إليها الكتاب الإلهي في حقيقة معنى التوحيد وسنغور في البحث المستوفى عنه في بحث قرآني خاص ثم في بحث عقلي وآخر نقلي إيفاء لحقه.
قوله تعالى: " وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم