تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٦ - الصفحة ٦٥
وإذا أجرينا هذا المعنى في الأمور المعنوية كأفعال الانسان الروحية أو ما يتعلق من أفعال الجوارح بالأمور النفسية كان ذلك منتجا أن صدور مهام الافعال وعظائم الأعمال يتوقف على أس معنوى ومبنى قوى نفسي كتوقف جلائل الأمور على الصبر والثبات وعلو الهمة وقوة العزيمة وتوقف النجاح في العبودية على حق التقوى والورع عن محارم الله.
ومن هنا يظهر أن قوله تعالى: " لستم على شئ " كناية عن عدم اعتمادهم على شئ يثبت عليه أقدامهم فيقدروا بذلك على إقامة التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم تلويحا إلى أن دين الله وحكمه لها من الثقل ما لا يتيسر حمله للانسان حتى يعتمد على أساس ثابت ولا يمكنه إقامته بمجرد هوى من نفسه كما يشير تعالى إلى ذلك بالنسبة إلى القرآن الكريم بقوله: " إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا " (المزمل: 5)، وقوله: " لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون " (الحشر: 21)، وقوله: " إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها " الآية (الأحزاب: 72).
وقال في أمر التوراة خطابا لموسى عليه السلام: " فخذها بقوة وأمر قومك يأخذوا بأحسنها " (الأعراف: 145)، وقال خطابا لبني إسرائيل: " خذوا ما آتيناكم بقوة " (البقرة: 63) وقال خطابا ليحيى عليه السلام: " يا يحيى خذ الكتاب بقوة " (مريم: 12).
فيعود المعنى إلى أنكم فاقدوا العماد الذي يجب عليكم أن تعتمدوا عليه في إقامة دين الله الذي أنزله إليكم في كتبه وهو التقوى والإنابة إلى الله بالرجوع إليه مرة بعد أخرى والاتصال به والايواء إلى ركنه بل مستكبرون عن طاعته ومتعدون حدوده.
ويظهر هذا المعنى من قوله تعالى خطابا لنبيه والمؤمنين: " شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى " فجمع الدين كله فيما ذكره، ثم قال: " أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه " فبين أن ذلك كله يرجع إلى إقامة الدين كلمة واحدة من غير تفرق ثم قال: " كبر على المشركين ما تدعوهم إليه " وذلك لكبر الاتفاق والاستقامة في اتباع الدين عليهم، ثم قال: " الله
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (بحث قرآني) سورة المائدة 5
2 (68 - 86) كلام في معنى التوحيد في القرآن (بحث قرآني) 86
3 (68 - 86) أيضا فيه 91
4 (68 - 86) أيضا فيه 103
5 (105) عرفان النفس في تسعة فصول 178
6 (106 - 109) في معنى الشهادة (بحث قرآني) 203
7 (106 - 109) في معنى العدالة (بحث قرآني) 204
8 (106 - 109) في اليمين (بحث قرآني) 208
9 (116 - 120) في الأدب في فصول: (بحث قرآني) 256
10 (116 - 120) 1 - معنى الأدب (بحث قرآني) 256
11 (116 - 120) 2 - اختلاف الآداب (بحث قرآني) 257
12 (116 - 120) 3 - معنى الأدب الإلهي (بحث قرآني) 257
13 (116 - 120) 4 - الأدب انما ينتج مع العمل (بحث قرآني) 258
14 (116 - 120) 5 - أدب النبوة العام اجمالا (بحث قرآني) 260
15 (116 - 120) 6 - أدب الأنبياء المحكي في القرآن تفصيلا (بحث قرآني) 264
16 (116 - 120) 7 - أدبهم مع ربهم بين الناس (بحث قرآني) 295
17 (116 - 120) 8 - أدب الأنبياء مع الناس (بحث قرآني) 297
18 (116 - 120) في سنن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآدابه خاصة (بحث روائي) 302
19 كلام في الرق والاستعباد في فصول: (بحث تاريخي واجتماعي) 338
20 (116 - 120) 1 - اعتبار العبودية لله سبحانه (بحث تاريخي واجتماعي) 339
21 (116 - 120) 2 - استعباد الانسان أسبابه (بحث تاريخي واجتماعي) 341
22 (116 - 120) 3 - نشوء الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
23 (116 - 120) 4 - ما الذي يراه الاسلام في ذلك؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
24 (116 - 120) 5 - ما هو السبيل إلى الاستعباد في الاسلام (بحث تاريخي واجتماعي) 346
25 (116 - 120) 6 - ما هي سيرة الاسلام في العبيد والإماء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 346
26 (116 - 120) 7 - محصل البحث في الفصول السابقة (بحث تاريخي واجتماعي) 347
27 (116 - 120) 8 - سير الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 348
28 (116 - 120) 9 - نظرة في بنائهم (بحث تاريخي واجتماعي) 350
29 (116 - 120) 10 - ما مقدار التحديد؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 352
30 (116 - 120) 11 - إلى م آل امر الإلغاء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 353
31 (116 - 120) كلام في المجازاة والعفو في فصول: (بحث قرآني) 358
32 (116 - 120) 1 - ما معنى الجزاء؟ (بحث قرآني) 358
33 (116 - 120) 2 - هل يعد المطيع عبدا للمطاع (بحث قرآني) 361
34 (116 - 120) 3 - العفو والمغفرة (بحث قرآني) 361
35 (116 - 120) 4 - للعفو مراتب (بحث قرآني) 363
36 (116 - 120) 5 - هل المؤاخذة أو المغفرة تستلزم ذنبا؟ (بحث قرآني) 372
37 (116 - 120) 6 - رابطة العمل والجزاء (بحث قرآني) 374
38 (116 - 120) 7 - والعمل يؤدي الرابطة إلى النفس (بحث قرآني) 376