هي الموجودات الخارجية والحوادث المكتنفة بها التي لا تختلف حالها بغنى وفقر وعز وذل ومدح وذم كالأرض وما يخرج منها والموت والحياة والصحة والمرض والجوع والشبع والظمأ والري.
فهذا ما عند العقلاء من أهل الاجتماع، والله سبحانه جارانا في كلامه مجاراة بعضنا بعضا فقلب سعادتنا التي يهدينا إليها بدينه في قالب السنن الاجتماعية فأمر ونهى ورغب وحذر، وبشر وأنذر، ووعد بالثواب وأوعد بالعقاب فصرنا نتلقى الدين على أسهل الوجوه التي نتلقى بها السنن والقوانين الاجتماعية، قال تعالى: " ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا " (النور: 21).
ولم يهمل سبحانه أمر تعليم النفوس المستعدة لادراك الحقائق فأشار في آيات من كلامه إلى أن وراء هذه المعارف الدينية التي تشتمل عليها ظواهر الكتاب والسنة أمرا هو أعظم، وسرا هو أنفس وأبهى فقال تعالى: " وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهى الحيوان " (العنكبوت: 64).
فعد الحياة الدنيا لعبا لا بنية له إلا الخيال، ولا شأن له إلا أن يشغل الانسان عما يهمه، وهى الدار الآخرة وسعادة الانسان الدائمة التي لها حقيقة الحياة، والمراد بالحياة الدنيا إن كان هو عين ما نسميه حياة دون ما يلحق بها من الشؤون الحيوية من مال وجاه وملك وعزة وكرامة ونحوها فكونها لعبا ولهوا مع ما نراها من الحقائق يستلزم كون الشؤون الحيوية لعبا ولهوا بطريق أولى، وإن كان المراد الحياة الدنيوية بجميع لواحقها فالامر أوضح.
فهذه السنن الاجتماعية والمقاصد التي يطلب بها من عز وجاه ومال وغيرها، ثم الذي يشتمل عليه التعليم الديني من مواد ومقاصد هدانا الله سبحانه إليها بالفطرة ثم بالرسالة مثلها كمثل اللعب الذي يضعه الولي المربى العاقل للطفل الصغير الذي لا يميز صلاحه من فساده وخيره من شره ثم يجاريه فيه ليروض بدنه ويروح ذهنه ويهيئه لنظام العمل وابتغاء الفوز به، فالذي يقع من العمل اللعبي هو من الصبي لعب جميل يهديه إلى حد العمل، ومن الولي حكمة وعمل جدي ليس من اللعب في شئ.
وقال تعالى: " وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين، وما خلقناهما