تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٦ - الصفحة ٣٧١
لم تغفر لنا وترحمنا " (الأعراف: 23) وقوله عن نوح عليه السلام: " وإلا تغفر لي وترحمني " (هود: 47).
فتحصل من البيان السابق: أن للذنب مراتب مختلفة مترتبة طولا كما أن للمغفرة مراتب بحذائها، تتعلق كل مرتبة من المغفرة بما يحاذيها من الذنب، وليس من اللازم أن يكون كل ذنب وخطيئة متعلقا بأمر أو نهى مولوى فيعرفه ويتبينه الافهام العامية الساذجة، ولا أن يكون كل مغفرة متعلقة بهذا النوع من الذنب.
فالذي تبين لنا من مراتب الذنب والمغفرة بحسب البحث السابق العام مراتب أربع:
ولاها: الذنب المتعلق بالامر والنهى المولويين وهو المخالفة لحكم شرعي فرعى أو أصلى وإن عممت التعبير قلت: مخالفة مادة من المواد القانونية دينية كانت أو غير دينية، وتتعلق به مغفرة تحاذيه مرتبة.
والثانية: الذنب المتعلق بالحكم العقلي الخلقي والمغفرة المتعلقة به.
والثالثة: الذنب المتعلق بالحكم الأدبي ممن ظرف حياته ظرف الأدب والمغفرة المتعلقة به، وهذان القسمان ربما لم يعدا بحسب الفهم العامي من الذنوب والمغفرات، وربما حسبوهما منها مجازا، وليس من المجاز في شئ لما عرفت من ترتب الآثار الحقيقية عليهما.
والرابعة: الذنب الذي يحكم به ذوق الحب والمغفرة المتعلقة به، وفى ظرف البغض أيضا ما يشبههما، وهذا النوع لا يعده الفهم العامي من الأقسام، وقد أخطأوا في ذلك لا لجور منهم في الحكم والقضاء بل لقصور فهمهم عن تعقله وتبين معناه.
وربما قال القائل منهم: إنه من أوهام العشاق والمبرسمين أو تخيل شعري لا يتكئ على حقيقة عقلية، وقد غفل عن أن هذه التصورات على أنها أوهام وتخيلات في طريق الحياة الاجتماعية هي بعينها تعود حقائق - وأي حقائق - في طريق العبودية عن حب إلهي يذيب القلب ويوله اللب، ولا يدع للانسان شعورا يشعر بغير ربه، ولا إرادة يريد بها إلا ما يريده.
وحينئذ يلوح له أن التفاتة يسيرة منه إلى نفسه أو إلى مشتهاها من شئ ذنب عظيم وحجاب غليظ لا ترفعه إلا المغفرة الإلهية، وقد عد الله سبحانه الذنب حجابا للقلب
(٣٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (بحث قرآني) سورة المائدة 5
2 (68 - 86) كلام في معنى التوحيد في القرآن (بحث قرآني) 86
3 (68 - 86) أيضا فيه 91
4 (68 - 86) أيضا فيه 103
5 (105) عرفان النفس في تسعة فصول 178
6 (106 - 109) في معنى الشهادة (بحث قرآني) 203
7 (106 - 109) في معنى العدالة (بحث قرآني) 204
8 (106 - 109) في اليمين (بحث قرآني) 208
9 (116 - 120) في الأدب في فصول: (بحث قرآني) 256
10 (116 - 120) 1 - معنى الأدب (بحث قرآني) 256
11 (116 - 120) 2 - اختلاف الآداب (بحث قرآني) 257
12 (116 - 120) 3 - معنى الأدب الإلهي (بحث قرآني) 257
13 (116 - 120) 4 - الأدب انما ينتج مع العمل (بحث قرآني) 258
14 (116 - 120) 5 - أدب النبوة العام اجمالا (بحث قرآني) 260
15 (116 - 120) 6 - أدب الأنبياء المحكي في القرآن تفصيلا (بحث قرآني) 264
16 (116 - 120) 7 - أدبهم مع ربهم بين الناس (بحث قرآني) 295
17 (116 - 120) 8 - أدب الأنبياء مع الناس (بحث قرآني) 297
18 (116 - 120) في سنن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآدابه خاصة (بحث روائي) 302
19 كلام في الرق والاستعباد في فصول: (بحث تاريخي واجتماعي) 338
20 (116 - 120) 1 - اعتبار العبودية لله سبحانه (بحث تاريخي واجتماعي) 339
21 (116 - 120) 2 - استعباد الانسان أسبابه (بحث تاريخي واجتماعي) 341
22 (116 - 120) 3 - نشوء الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
23 (116 - 120) 4 - ما الذي يراه الاسلام في ذلك؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
24 (116 - 120) 5 - ما هو السبيل إلى الاستعباد في الاسلام (بحث تاريخي واجتماعي) 346
25 (116 - 120) 6 - ما هي سيرة الاسلام في العبيد والإماء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 346
26 (116 - 120) 7 - محصل البحث في الفصول السابقة (بحث تاريخي واجتماعي) 347
27 (116 - 120) 8 - سير الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 348
28 (116 - 120) 9 - نظرة في بنائهم (بحث تاريخي واجتماعي) 350
29 (116 - 120) 10 - ما مقدار التحديد؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 352
30 (116 - 120) 11 - إلى م آل امر الإلغاء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 353
31 (116 - 120) كلام في المجازاة والعفو في فصول: (بحث قرآني) 358
32 (116 - 120) 1 - ما معنى الجزاء؟ (بحث قرآني) 358
33 (116 - 120) 2 - هل يعد المطيع عبدا للمطاع (بحث قرآني) 361
34 (116 - 120) 3 - العفو والمغفرة (بحث قرآني) 361
35 (116 - 120) 4 - للعفو مراتب (بحث قرآني) 363
36 (116 - 120) 5 - هل المؤاخذة أو المغفرة تستلزم ذنبا؟ (بحث قرآني) 372
37 (116 - 120) 6 - رابطة العمل والجزاء (بحث قرآني) 374
38 (116 - 120) 7 - والعمل يؤدي الرابطة إلى النفس (بحث قرآني) 376