تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٦ - الصفحة ٣٥٩
الافراد بمقدار ما يستحقه كل واحد بعمله وسعيه.
وهذه التكاليف لما كانت متعلقة بأمور اختيارية يسع الانسان أخذها وتركها، وهى بعينها لا تتم إلا مع سلب ما لحرية الانسان في إرادته وعمله لم يمتنع أن يتخلف عنها أو عن بعضها الانسان المتمائل بطبعه إلى الاسترسال وإطلاق الحرية.
والتنبه إلى هذا النقص في التكاليف والفتور في بنى القوانين هو الذي بعث الانسان الاجتماعي على أن يتمم نقصها ويحكم فتورها بأمر آخر، وهو أن يضم إلى مخالفتها والتخلف عنها أمورا يكرهها الانسان المكلف فيدعوه ذلك إلى طاعة التكليف الذي يكلف به حذرا من أن يحل به ما يكرهه ويتضرر به.
وهذا هو جزاء السيئة وهو حق للمجتمع أو لولى الامر على المتخلف العاصي، وله نظير في جانب طاعة التكاليف فمن الممكن أن يوضع للمطيع الممتثل بإزاء عمله بالتكليف أمر يؤثره ويحبه ليكون ذلك داعيا يدعوه إلى إتيان الواجب أو المطلوب مطلقا من التكاليف، وهو حق للمكلف المطيع على المجتمع أ لولى الامر، وهذا هو جزاء الحسنة، وربما يسمى جزاء السيئة عقابا وجزاء الحسنة ثوابا.
وعلى هذه الوتيرة يجرى حكم الشريعة الإلهية، قال تعالى: " للذين أحسنوا الحسنى " (يونس: 26) وقال تعالى: " والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها " (يونس: 27) وقال: " وجزاء سيئة سيئة مثلها " (الشورى: 40).
وللعقاب والثواب عرض عريض آخذا من الاستكراه والاستحسان والذم والمدح إلى آخر ما يتعلق به القدرة من الشر والخير، ويرتبطان في ذلك بعوامل مختلفة من خصوصيات الفعل والفاعل وولى التكليف ومقدار الضرر والنفع العائدين إلى المجتمع، ولعله يجمع الجميع أن العمل كلما زاد الاهتمام بأمره زاد عقابا في صورة المعصية وثوابا في صورة الطاعة.
ويعتبر بين العمل وبين جزائه - كيف كان - نوع من المماثلة والمسانخة ولو تقريبا، وعلى ذلك يجرى كلامه تعالى أيضا كما هو ظاهر أمثال قوله تعالى: " ليجزى الذين أساؤوا بما عملوا ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى " (النجم: 31) وأوضح منه قوله تعالى وقد حكاه عن صحف إبراهيم وموسى عليهما السلام: " وأن ليس للانسان إلا
(٣٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (بحث قرآني) سورة المائدة 5
2 (68 - 86) كلام في معنى التوحيد في القرآن (بحث قرآني) 86
3 (68 - 86) أيضا فيه 91
4 (68 - 86) أيضا فيه 103
5 (105) عرفان النفس في تسعة فصول 178
6 (106 - 109) في معنى الشهادة (بحث قرآني) 203
7 (106 - 109) في معنى العدالة (بحث قرآني) 204
8 (106 - 109) في اليمين (بحث قرآني) 208
9 (116 - 120) في الأدب في فصول: (بحث قرآني) 256
10 (116 - 120) 1 - معنى الأدب (بحث قرآني) 256
11 (116 - 120) 2 - اختلاف الآداب (بحث قرآني) 257
12 (116 - 120) 3 - معنى الأدب الإلهي (بحث قرآني) 257
13 (116 - 120) 4 - الأدب انما ينتج مع العمل (بحث قرآني) 258
14 (116 - 120) 5 - أدب النبوة العام اجمالا (بحث قرآني) 260
15 (116 - 120) 6 - أدب الأنبياء المحكي في القرآن تفصيلا (بحث قرآني) 264
16 (116 - 120) 7 - أدبهم مع ربهم بين الناس (بحث قرآني) 295
17 (116 - 120) 8 - أدب الأنبياء مع الناس (بحث قرآني) 297
18 (116 - 120) في سنن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآدابه خاصة (بحث روائي) 302
19 كلام في الرق والاستعباد في فصول: (بحث تاريخي واجتماعي) 338
20 (116 - 120) 1 - اعتبار العبودية لله سبحانه (بحث تاريخي واجتماعي) 339
21 (116 - 120) 2 - استعباد الانسان أسبابه (بحث تاريخي واجتماعي) 341
22 (116 - 120) 3 - نشوء الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
23 (116 - 120) 4 - ما الذي يراه الاسلام في ذلك؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
24 (116 - 120) 5 - ما هو السبيل إلى الاستعباد في الاسلام (بحث تاريخي واجتماعي) 346
25 (116 - 120) 6 - ما هي سيرة الاسلام في العبيد والإماء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 346
26 (116 - 120) 7 - محصل البحث في الفصول السابقة (بحث تاريخي واجتماعي) 347
27 (116 - 120) 8 - سير الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 348
28 (116 - 120) 9 - نظرة في بنائهم (بحث تاريخي واجتماعي) 350
29 (116 - 120) 10 - ما مقدار التحديد؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 352
30 (116 - 120) 11 - إلى م آل امر الإلغاء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 353
31 (116 - 120) كلام في المجازاة والعفو في فصول: (بحث قرآني) 358
32 (116 - 120) 1 - ما معنى الجزاء؟ (بحث قرآني) 358
33 (116 - 120) 2 - هل يعد المطيع عبدا للمطاع (بحث قرآني) 361
34 (116 - 120) 3 - العفو والمغفرة (بحث قرآني) 361
35 (116 - 120) 4 - للعفو مراتب (بحث قرآني) 363
36 (116 - 120) 5 - هل المؤاخذة أو المغفرة تستلزم ذنبا؟ (بحث قرآني) 372
37 (116 - 120) 6 - رابطة العمل والجزاء (بحث قرآني) 374
38 (116 - 120) 7 - والعمل يؤدي الرابطة إلى النفس (بحث قرآني) 376