وعبادة الطاغوت شر من الايمان بالله وكتبه وأشد ضلالا، دون ان يقال: إن من لعنه الله وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت شر مكانا وأضل إلا بوضع الموصوف مكان الوصف، وهو شائع في القرآن الكريم كقوله تعالى: " ولكن البر من آمن بالله " (الآية).
وبالجملة فمحصل المعنى أن إيماننا بالله وما أنزله على رسله إن كان شرا عندكم فأنا أخبركم بشر من ذلك يجب عليكم أن تنقموه وهو النعت الذي فيكم.
وربما قيل: إن الإشارة بقوله: " ذلك " إلى جمع المؤمنين المدلول عليه بقوله:
" هل تنقمون منا " وعلى هذا فالكلام على استوائه من غير قلب، والمعنى هل أنبئكم بمن هو شر من المؤمنين لتنقموهم؟ وهم أنتم أنفسكم، وقد ابتليتم باللعن والمسخ وعبادة الطاغوت.
وربما قيل: إن قوله: " من ذلك إشارة إلى المصدر المدلول عليه بقوله " هل تنقمون منا " أي هل أنبئكم بشر من نقمتكم هذه مثوبة وجزاء؟ هو ما ابتليتم به من اللعن والمسخ وغير ذلك.
قوله تعالى: " وإذا جاؤكم قالوا آمنا وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به " (إلى آخر الآية) يشير تعالى إلى نفاق قلوبهم وإضمارهم ما لا يرتضيه الله سبحانه في لقائهم المؤمنين فقال: وإذا جاؤكم قالوا آمنا أي أظهروا الايمان والحال أنهم قد دخلوا عليكم مع الكفر وقد خرجوا من عندكم بالكفر أي هم على حالة واحدة عند الدخول والخروج وهو الكفر لم يتغير عنه وإنما يظهرون الايمان إظهارا، والحال أن الله يعلم ما كانوا يكتمونه سابقا من الغدر والمكر.
فقوله: " وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به " في معنى قولنا: لم يتغير حالهم في الكفر، والضمير في قوله: " هم قد خرجوا " جئ به للتأكيد، وإفادة تمييزهم في الامر وتثبيت الكفر فيهم.
وربما قيل: إن المعنى أنهم متحولون في أحوال الكفر المختلفة.
قوله تعالى: " وترى كثيرا منهم يسارعون في الاثم والعدوان وأكلهم السحت " (إلى آخر الآية)، الظاهر أن المراد بالاثم هو الخوض في آيات الدين النازلة على المؤمنين