إله إلا أنت " ولم يناده تعالى بالربوبية، وهذا أوحد دعاء من أدعية الأنبياء عليهم السلام لم يصدر باسم الرب.
ثم ذكر ما جرى عليه الحال من تركه قومه إثر عدم إهلاكه تعالى إياهم بما أنزل عليهم من العذاب فأثبت الظلم لنفسه ونزه الله سبحانه عن كل ما فيه شائبة الظلم والنقص فقال: " سبحانك إني كنت من الظالمين ".
ولم يذكر مسألته - وهى الرجوع إلى مقامه العبودي السابق - عدا لنفسه دون لياقة الاستعطاء واستحقاق العطاء استغراقا في الحياء والخجل، والدليل على مسألته قوله تعالى بعد الآية السابقة: " فاستجبنا له ونجيناه من الغم " (الأنبياء: 88).
والدليل على أن مسألته كانت هي الرجوع إلى سابق مقامه قوله تعالى: " فنبذناه بالعراء وهو سقيم، وأنبتنا عليه شجرة من يقطين، وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون، فآمنوا به فمتعناهم إلى حين " (الصافات: 148).
ومن ذلك ما ذكره الله تعالى عن أيوب (ع) بعد ما أزمنه المرض وهلك عنه ماله وولده حيث قال: " وأيوب إذ نادى ربه أنى مسني الضر وأنت أرحم الراحمين " (الأنبياء: 83).
وجوه التأدب فيه ظاهرة مما تقدم بيانه، ولم يذكر (ع) حاجته صريحا على حد ما تقدم من أدعية آدم ونوح وموسى ويونس عليهم السلام هضما لنفسه واستحقارا لامره، وأدعية الأنبياء كما تقدم ويأتي خالية عن التصريح بالحاجة إذا كان مما يرجع إلى أمور الدنيا وإن كانوا لا يريدون شيئا من ذلك اتباعا لهوى أنفسهم.
وبوجه آخر ذكره السبب الباعث إلى المسألة كمس الضر والصفة الموجودة في المسؤول المطمعة للسائل في المسألة ككونه تعالى أرحم الراحمين، والسكوت عن ذكر نفس الحاجة، أبلغ كناية عن أن الحاجة لا تحتاج إلى ذكر فإن ذكرها يوهم أن الأسباب المذكورة ليست بكافية في إثارة رحمة من هو أرحم الراحمين بل يحتاج إلى تأييد بالذكر وتفهيم باللفظ.
ومن ذلك ما حكاه عن زكريا (ع): حيث قال: " ذكر رحمة ربك عبده