تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٦ - الصفحة ٢٣١
ومنها: أن في الكلام حذفا تقديره: " هل تستطيع سؤال ربك؟ ويدل عليه قراءة " هل تستطيع ربك " والمعنى: هل تستطيع أن تسأله من غير صارف يصرفك عن ذلك.
وفيه: أن الحذف والتقدير لا يعيد لفظة " هل يستطيع ربك " إلى قولنا هل تستطيع سؤال ربك بأي وجه فرض لمكان اختلاف الفعل في القراءتين بالغيبة والحضور، والتقدير لا يحول الغيبة إلى الخطاب البتة، وإن كان ولا بد فليقل: إنه من قبيل إسناد الفعل المنسوب إلى عيسى (ع) إلى ربه من جهة أن فعله فعل الله أو أن كل ما له (ع) فهو لله سبحانه، وهذا الوجه مع كونه فاسدا من جهة أن الأنبياء والرسل إنما ينسب من أفعالهم إلى الله ما لا يستلزم نسبته إليه النقص والقصور في ساحته تعالى كالهداية والعلم ونحوهما، وأما لوازم عبوديتهم وبشريتهم كالعجز والفقر والأكل والشرب ونحو ذلك فمما لا تستقيم نسبته إليه تعالى البتة فمشكلة ظاهر اللفظ على حالها.
ومنها: أن الاستطاعة هنا بمعنى الإطاعة والمعنى: هل يطيعك ربك ويجيب دعاءك إذا سألته ذلك، وفيه: أنه من قبيل تبديل المشكل بما هو أشكل فإن الاستفهام عن إطاعة الله سبحانه لرسوله وانقياده له أشنع وأفظع من الاستفهام عن استطاعته.
وقد انتصر بعضهم لهذا الوجه فقال في تقريره ما محصله: إن الاستطاعة والاطاعة من مادة الطوع مقابل الكره فإطاعة الامر فعله عن رضى واختيار، والاستفعال في هذه المادة كالاستفعال في مادة الإجابة فإذا كان معنى استجابه: أجاب دعاءه أو سؤاله فمعنى استطاعه: أطاعه أي انه انقاد له وصار في طوعه أو طوعا له، والسين والتاء في المادتين على أشهر معانيهما وهو الطلب، ولكنه طلب دخل على فعل محذوف دل عليه المذكور المترتب على المحذوف، ومعنى استطاع الشئ: طلب وحاول أن يكون ذلك الشئ طوعا له فأطاعه وانقاد له، ومعنى استجاب: سئل شيئا وطلب منه أن يجيب إليه فأجاب.
قال: فبهذا الشرح الدقيق تفهم صحة قول من قال من المفسرين: إن " يستطيع " هنا بمعنى يطيع وإن معنى يطيع: يفعل مختارا راضيا غير كاره فصار حاصل معنى الجملة: هل يرضى ربك ويختار أن ينزل علينا مائدة من السماء إذا نحن سألناه أو سألته لنا ذلك، انتهى.
وفيه أولا: أنه لم يأت بشئ دون أن قاس استطاع باستجاب ثم أعطى هذا
(٢٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (بحث قرآني) سورة المائدة 5
2 (68 - 86) كلام في معنى التوحيد في القرآن (بحث قرآني) 86
3 (68 - 86) أيضا فيه 91
4 (68 - 86) أيضا فيه 103
5 (105) عرفان النفس في تسعة فصول 178
6 (106 - 109) في معنى الشهادة (بحث قرآني) 203
7 (106 - 109) في معنى العدالة (بحث قرآني) 204
8 (106 - 109) في اليمين (بحث قرآني) 208
9 (116 - 120) في الأدب في فصول: (بحث قرآني) 256
10 (116 - 120) 1 - معنى الأدب (بحث قرآني) 256
11 (116 - 120) 2 - اختلاف الآداب (بحث قرآني) 257
12 (116 - 120) 3 - معنى الأدب الإلهي (بحث قرآني) 257
13 (116 - 120) 4 - الأدب انما ينتج مع العمل (بحث قرآني) 258
14 (116 - 120) 5 - أدب النبوة العام اجمالا (بحث قرآني) 260
15 (116 - 120) 6 - أدب الأنبياء المحكي في القرآن تفصيلا (بحث قرآني) 264
16 (116 - 120) 7 - أدبهم مع ربهم بين الناس (بحث قرآني) 295
17 (116 - 120) 8 - أدب الأنبياء مع الناس (بحث قرآني) 297
18 (116 - 120) في سنن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآدابه خاصة (بحث روائي) 302
19 كلام في الرق والاستعباد في فصول: (بحث تاريخي واجتماعي) 338
20 (116 - 120) 1 - اعتبار العبودية لله سبحانه (بحث تاريخي واجتماعي) 339
21 (116 - 120) 2 - استعباد الانسان أسبابه (بحث تاريخي واجتماعي) 341
22 (116 - 120) 3 - نشوء الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
23 (116 - 120) 4 - ما الذي يراه الاسلام في ذلك؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
24 (116 - 120) 5 - ما هو السبيل إلى الاستعباد في الاسلام (بحث تاريخي واجتماعي) 346
25 (116 - 120) 6 - ما هي سيرة الاسلام في العبيد والإماء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 346
26 (116 - 120) 7 - محصل البحث في الفصول السابقة (بحث تاريخي واجتماعي) 347
27 (116 - 120) 8 - سير الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 348
28 (116 - 120) 9 - نظرة في بنائهم (بحث تاريخي واجتماعي) 350
29 (116 - 120) 10 - ما مقدار التحديد؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 352
30 (116 - 120) 11 - إلى م آل امر الإلغاء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 353
31 (116 - 120) كلام في المجازاة والعفو في فصول: (بحث قرآني) 358
32 (116 - 120) 1 - ما معنى الجزاء؟ (بحث قرآني) 358
33 (116 - 120) 2 - هل يعد المطيع عبدا للمطاع (بحث قرآني) 361
34 (116 - 120) 3 - العفو والمغفرة (بحث قرآني) 361
35 (116 - 120) 4 - للعفو مراتب (بحث قرآني) 363
36 (116 - 120) 5 - هل المؤاخذة أو المغفرة تستلزم ذنبا؟ (بحث قرآني) 372
37 (116 - 120) 6 - رابطة العمل والجزاء (بحث قرآني) 374
38 (116 - 120) 7 - والعمل يؤدي الرابطة إلى النفس (بحث قرآني) 376