والمتيقن من معانيها - كما عرفت - أن هذه الأصناف من الانعام كانت في الجاهلية محررة نوعا من التحرير ذات أحكام مناسبة لذلك كحماية الظهر وحرمة أكل اللحم وعدم المنع من الماء والكلاء، وأن الوصيلة من الغنم والثلاثة الباقية من الإبل.
وفي المجمع: روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن عمرو بن لحى بن قمعة بن خندف كان قد ملك مكة، وكان أول من غير دين إسماعيل، واتخذ الأصنام ونصب الأوثان، وبحر البحيرة، وسيب السائبة، ووصل الوصيلة، وحمى الحامي.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: فلقد رأيته في النار يؤذى أهل النار ريح قصبه، ويروى يجر قصبه في النار.
أقول: وروى في الدر المنثور هذا المعنى بعدة طرق عن ابن عباس وغيره.
وفي الدر المنثور أخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير عن زيد بن أسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لأعرف أول من سيب السوائب، ونصب النصب، وأول من غير دين إبراهيم، قالوا: من هو يا رسول الله؟ قال: عمرو بن لحى أخو بنى كعب لقد رأيته يجر قصبه في النار يؤذى أهل النار ريح قصبه.
وإني لأعرف من نحر النحائر، قالوا: من هو يا رسول الله؟ قال: رجل من بنى مدلج كانت له ناقتان فجذع آذانهما وحرم ألبانهما وظهورهما وقال: هاتان لله ثم احتاج إليهما فشرب ألبانهما وركب ظهورهما.
قال: فلقد رأيته في النار، وهما يقصمانه بأفواههما ويطئانه بأخفافهما.
وفيه: أخرج أحمد وعبد بن حميد والحكيم الترمذي في نوادر الأصول، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات، عن أبي الأحوص، عن أبيه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في خلقان من الثياب فقال لي: هل لك من مال؟ قلت نعم، قال: من أي المال؟ قلت: من كل المال: من الإبل والغنم والخيل والرقيق قال:
فإذا آتاك الله فلير عليك.
ثم قال: تنتج إبلك رافية آذانها؟ قلت: نعم وهل تنتج الإبل إلا كذلك؟