وقوله وكان الله بهم عليما تمهيد لما في الآية التالية من البيان والامس لهذه الجملة بحسب المعنى أن تكون حالا.
قوله تعالى إن الله لا يظلم مثقال ذرة الآية المثقال هو الزنة والذرة هو الصغير من النمل الأحمر أو هو الواحد من الهباء المبثوث في الهواء الذي لا يكاد يرى صغرا وقوله مثقال ذرة نائب مناب المفعول المطلق أي لا يظلم ظلما يعدل مثقال ذرة وزنا.
وقوله وإن تك حسنة قرئ برفع حسنة وبنصبها فعلى تقدير الرفع كان تامة وعلى تقدير النصب تقديره وإن تكن المثقال المذكور حسنة يضاعفها وتأنيث الضمير في قوله إن تك إما من جهة تأنيث الخبر أو لكسب المثقال التأنيث بالإضافة إلى ذرة.
والسياق يفيد أن تكون الآية بمنزلة التعليل للاستفهام السابق والتقدير ومن الأسف عليهم ان لم يؤمنوا ولم ينفقوا فإنهم لو آمنوا وأنفقوا والله عليم بهم لم يكن الله ليظلمهم في مثقال ذرة أنفقوها بالاهمال وترك الجزاء وإن تك حسنة يضاعفها والله أعلم.
قوله تعالى فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد الآية قد تقدم بعض الكلام في معنى الشهادة على الأعمال في تفسير قوله تعالى لتكونوا شهداء على الناس:
البقرة - 143 من الجزء الأول من هذا الكتاب وسيجئ بعض آخر في محله المناسب له.
قوله تعالى يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول الآية نسبة المعصية إلى الرسول يشهد أن المراد بها معصية أوامره صلى الله عليه وآله وسلم الصادرة عن مقام ولايته لا معصية الله تعالى في أحكام الشريعة وقوله لو تسوى بهم الأرض كناية عن الموت بمعنى بطلان الوجود نظير قوله تعالى ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا: النبأ - 40.
وقوله ولا يكتمون الله حديثا ظاهر السياق أنه معطوف على موضع قوله يود الذين كفروا وفائدته الدلالة بوجه على ما يعلل به تمنيهم الموت وهو أنهم بارزون يومئذ لله لا يخفى عليه منهم شئ لظهور حالهم عليه تعالى بحضور أعمالهم وشهادة أعضائهم وشهادة الأنبياء والملائكة وغيرهم عليهم والله من ورائهم محيط