وأما قوله بما حفظ الله فالظاهر أن ما مصدرية والباء للآلة والمعنى إنهن قانتات لأزواجهن حافظات للغيب بما حفظ الله لهم من الحقوق حيث شرع لهم القيمومة وأوجب عليهن الإطاعة وحفظ الغيب لهم.
ويمكن أن يكون الباء للمقابلة والمعنى حينئذ أنه يجب عليهن القنوت وحفظ الغيب في مقابلة ما حفظ الله من حقوقهن حيث أحيا أمرهن في المجتمع البشري وأوجب على الرجال لهن المهر والنفقة والمعنى الأول أظهر.
وهناك معان ذكروها في تفسير الآية أضربنا عن ذكرها لكون السياق لا يساعد شيئا منها.
قوله تعالى واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن النشوز العصيان والاستكبار عن الطاعة والمراد بخوف النشوز ظهور آياته وعلائمه ولعل التفريع على خوف النشوز دون نفسه لمراعاة حال العظة من بين العلاجات الثلاث المذكورة فإن الوعظ كما أن له محلا مع تحقق العصيان كذلك له محل مع بدو آثار العصيان وعلائمه.
والأمور الثلاثة أعني ما يدل عليه قوله فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن وإن ذكرت معا وعطف بعضها على بعض بالواو فهي أمور مترتبة تدريجية فالموعظة فإن لم تنجح فالهجرة فإن لم تنفع فالضرب ويدل على كون المراد بها التدرج فيها أنها بحسب الطبع وسائل للزجر مختلفة آخذه من الضعف إلى الشدة بحسب الترتيب المأخوذ في الكلام فالترتيب مفهوم من السياق دون الواو.
وظاهر قوله واهجروهن في المضاجع أن تكون الهجرة مع حفظ المضاجعة كالاستدبار وترك الملاعبة ونحوها وإن أمكن أن يراد بمثل الكلام ترك المضاجعة لكنه بعيد وربما تأيد المعنى الأول بإتيان المضاجع بلفظ الجمع فإن المعنى الثاني لا حاجة فيه إلى إفادة كثرة المضجع ظاهرا.
قوله تعالى فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إلخ أي لا تتخذوا عليهن علة تعتلون بها في إيذائهن مع إطاعتهن لكم ثم علل هذا النهي بقوله إن الله كان عليا كبيرا وهو إيذان لهم أن مقام ربهم على كبير فلا يغرنهم ما يجدونه من القوة والشدة في أنفسهم فيظلموهن بالاستعلاء والاستكبار عليهن.