من مفهوم اللفظ وقوله وما ملكت أيمانكم المراد به العبيد والإماء بقرينة عده في عداد من يحسن إليهم وقد كثر التعبير عنهم بما ملكته الايمان دون من ملكته.
قوله تعالى إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا المختال التائه المتبختر المسخر لخياله ومنه الخيل للفرس لأنه يتبختر في مشيته والفخور كثير الفخر والوصفان أعني الاختيال وكثرة الفخر من لوازم التعلق بالمال والجاه والافراط في حبهما ولذلك لم يكن الله ليحب المختال الفخور لتعلق قلبه بغيره تعالى وما ذكره تعالى في تفسيره بقوله الذين يبخلون الخ وقوله والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس الخ يبين كون الطائفتين معروضتين للخيلاء والفخر فالطائفة الأولى متعلقة القلب بالمال والثانية بالجاه وإن كان بين الجاه والمال تلازم في الجملة.
وكان من طبع الكلام أن يشتغل بذكر أعمالهما من البخل والكتمان وغيرهما لكن بدأ بالوصفين ليدل على السبب في عدم الحب كما لا يخفى.
قوله تعالى الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل الآية أمرهم الناس بالبخل إنما هو بسيرتهم الفاسدة وعملهم به سواء أمروا به لفظا أو سكتوا فإن هذه الطائفة لكونهم أولى ثروة ومال يتقرب إليهم الناس ويخضعون لهم لما في طباع الناس من الطمع ففعلهم آمر وزاجر كقولهم وأما كتمانهم ما آتاهم الله من فضله فهو تظاهرهم بظاهر الفاقد المعدم للمال لتأذيهم من سؤال الناس ما في أيديهم وخوفهم على أنفسهم لو منعوا وخشيتهم من توجه النفوس إلى أموالهم والمراد بالكافرين الساترون لنعمة الله التي أنعم بها ومنه الكافر المعروف لستره على الحق بإنكاره.
قوله تعالى والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس الخ أي لمراءاتهم وفي الآية دلالة على أن الرئاء في الانفاق أو هو مطلقا شرك بالله كاشف عن عدم الايمان به لاعتماد المرائي على نفوس الناس واستحسانهم فعله وشرك من جهة العمل لان المرائي لا يريد بعمله ثواب الآخرة وإنما يريد ما يرجوه من نتائج إنفاقه في الدنيا وعلى أن المرائي قرين الشيطان وساء قرينا.
قوله تعالى وما ذا عليهم لو آمنوا الآية استفهام للتأسف أو التعجب وفي الآية دلالة على أن الاستنكاف عن الانفاق في سبيل الله ناش من فقدان التلبس بالايمان بالله وباليوم الآخر حقيقة وإن تلبس به ظاهرا