فرع من فروع هذا الحكم المطلق وجزئي من جزئياته مستخرج منه من غير أن يتقيد به إطلاقه.
قوله تعالى فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله المراد بالصلاح معناه اللغوي وهو ما يعبر عنه بلياقة النفس والقنوت هو دوام الطاعة والخضوع.
ومقابلتها لقوله واللاتي تخافون نشوزهن الخ تفيد أن المراد بالصالحات الزوجات الصالحات وأن هذا الحكم مضروب على النساء في حال الازدواج لا مطلقا وأن قوله قانتات حافظات الذي هو إعطاء للامر في صورة التوصيف أي ليقنتن وليحفظن حكم مربوط بشؤون الزوجية والمعاشرة المنزلية وهذا مع ذلك حكم يتبع في سعته وضيقه علته أعني قيمومة الرجل على المرأة قيمومة زوجية فعليها أن تقنت له وتحفظه فيما يرجع إلى ما بينهما من شؤون الزوجية.
وبعبارة أخرى كما أن قيمومة قبيل الرجال على قبيل النساء في المجتمع إنما تتعلق بالجهات العامة المشتركة بينهما المرتبطة بزيادة تعقل الرجل وشدته في البأس وهي جهات الحكومة والقضاء والحرب من غير أن يبطل بذلك ما للمرأة من الاستقلال في الإرادة الفردية وعمل نفسها بأن تريد ما أحبت وتفعل ما شاءت من غير أن يحق للرجل أن يعارضها في شئ من ذلك في غير المنكر فلا جناح عليهم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف كذلك قيمومة الرجل لزوجته ليست بأن لا تنفذ للمرأة في ما تملكه إرادة ولا تصرف ولا أن لا تستقل المرأة في حفظ حقوقها الفردية والاجتماعية والدفاع عنها والتوسل إليها بالمقدمات الموصلة إليها بل معناها أن الرجل إذ كان ينفق ما ينفق من ماله بإزاء الاستمتاع فعليها أن تطاوعه وتطيعه في كل ما يرتبط بالاستمتاع والمباشرة عند الحضور وأن تحفظه في الغيب فلا تخونه عند غيبته بأن توطئ فراشه غيره وأن تمتع لغيره من نفسها ما ليس لغير الزوج التمتع منها بذلك ولا تخونه فيما وضعه تحت يدها من المال وسلطها عليه في ظرف الازدواج والاشتراك في الحياة المنزلية.
فقوله فالصالحات قانتات أي ينبغي أن يتخذن لأنفسهن وصف الصلاح وإذا كن صالحات فهن لا محاله قانتات أي يجب أن يقنتن ويطعن أزواجهن إطاعة دائمة فيما أرادوا منهن مما له مساس بالتمتع ويجب عليهن أن يحفظن جانبهم في جميع ما لهم من الحقوق إذا غابوا.