شهواته وأهوائه ولذلك أظهرت الدعوة الاعتقادات الحقة في أول أمرها جملة لكن القوانين والشرائع الإلهية ظهرت بالتدريج حكما فحكما.
وبالجملة تدرجت الدعوة في إلقاء مضمراتها إلى الناس لئلا يشمس عن تلقيها الطباع ولا تتزلزل النفوس في نضد بعض أجزاء الدعوة على بعض وهذا الذي ذكرناه ظاهر للمتدبر الباحث في هذه الحقائق فإنه يجد الآيات القرآنية مختلفة في إلقاء المعارف الإلهية والقوانين المشرعة في مكيتها ومدنيتها الآيات المكية تدعو إلى كليات أجمل فيها القول والمدنية ونعني بها ما نزلت بعد الهجرة أينما نزلت تفصل القول وتأتى بالتفاصيل من الاحكام التي سبقت في المكية كلياتها ومجملاتها قال تعالى كلا إن الانسان ليطغى أن رآه استغنى إن إلى ربك الرجعي أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى أ رأيت إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى أرأيت إن كذب وتولى أ لم يعلم بأن الله يرى: العلق - 14 والآيات نازلة في أول الرسالة بعد النبوة على ما مرت إليه الإشارة في آيات الصوم من الجزء الثاني وفيها إجمال التوحيد والمعاد وإجمال أمر التقوى والعبادة.
وقال تعالى يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر: المدثر - 3 وهى أيضا من الآيات النازلة في أول البعثة وقال تعالى ونفس وما سويها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكيها وقد خاب من دسيها: الشمس - 10 وقال تعالى قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى: الاعلى - 15 وقوله تعالى قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلى أنما إلهكم إله واحد فاستقيموا إليه واستغفروه وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون إن الذين آمنوا وعلموا الصالحات لهم أجر غير ممنون:
حم السجدة - 8 وهذه الآيات أيضا من الآيات النازلة في أوائل البعثة.
وقال تعالى قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون: الانعام - 153