الزوجية، غير أن الرد المذكور لا يتحقق معناه الا مع الزوج الأول.
ومن هنا يظهر: ان في الآية تقديرا لطيفا بحسب المعنى، والمعنى وبعولتهن أحق بهن من غيرهم، ويحصل ذلك بالرد والرجوع في أيام العدة، وهذه الأحقية انما تتحقق في الرجعيات دون البائنات التي لا رجوع فيها، وهذه هي القرينة على أن الحكم مخصوص بالرجعيات، لا ان ضمير بعولتهن راجع إلى بعض المطلقات بنحو الاستخدام أو ما أشبه ذلك، والآية خاصة بحكم المدخول بهن من ذوات الحيض غير الحوامل، واما غير المدخول بها والصغيرة واليائسة والحامل فلحكمها آيات أخر.
قوله تعالى: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة، المعروف هو الذي يعرفه الناس بالذوق المكتسب من نوع الحياة الاجتماعية المتداولة بينهم، وقد كرر سبحانه المعروف في هذه الآيات فذكره في اثنى عشر موضعا اهتماما بأن يجري هذا العمل أعني الطلاق وما يلحق به على سنن الفطرة والسلامة، فالمعروف تتضمن هداية العقل، وحكم الشرع، وفضيلة الخلق الحسن وسنن الأدب.
وحيث بنى الاسلام شريعته على أساس الفطرة والخلقة كان المعروف عنده هو الذي يعرفه الناس إذا سلكوا مسلك الفترة ولم يتعدوا طور الخلقة، ومن احكام الاجتماع المبني على أساس الفطرة ان يتساوى في الحكم افراده واجزائه فيكون ما عليهم مثل مالهم الا ان ذلك التساوي انما هو مع حفظ ما لكل من الافراد من الوزن في الاجتماع والتأثير والكمال في شؤون الحياة فيحفظ للحاكم حكومته، وللمحكوم محكوميته، وللعالم علمه، وللجاهل حاله، وللقوي من حيث العمل قوته، وللضعيف ضعفه ثم يبسط التساوي بينها باعطاء كل ذي حق حقه، وعلى هذا جرى الاسلام في الاحكام المجعولة للمراة وعلى المراة فجعل لها مثل ما جعل عليها مع حفظ ما لها من الوزن في الحياة الاجتماعية في اجتماعها مع الرجل للتناكح والتناسل. والاسلام يرى في ذلك أن للرجال عليهن درجة، والدرجة المنزلة.
ومن هنا يظهر: ان قوله تعالى: وللرجال عليهن درجة، قيد متمم للجملة السابقة، والمراد بالجميع معنى واحد وهو: ان النساء أو المطلقات قد سوى الله بينهن وبين الرجال مع حفظ ما للرجال من الدرجة عليهن، فجعل لهن مثل ما عليهن من الحكم،