تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٥٨٧
واحد، فمن ذلك قالوا " ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله " فقال نبيهم: " هل عسيتم أن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا " وكان كما قال الله تبارك وتعالى: " فلما كتب عليهم القتال تولوا الا قليلا منهم والله عليم بالظالمين " فقال لهم نبيهم: " ان الله قد بعث لكم طالوت ملكا " فغضبوا من ذلك " وقالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال " وكانت النبوة في ولد لاوي والملك في ولد يوسف، وكان طالوت من ولد بنيامين أخو يوسف لامه لم يكن من بيت النبوة ولا من بيت المملكة، فقال لهم نبيهم: " إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم " وكان أعظمهم جسما وكان شجاعا قويا وكان أعلمهم، الا انه كان فقيرا فعابوه بالفقر فقالوا لم يؤت سعة من المال، فقال لهم نبيهم " إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم و بقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة " وكان التابوت الذي أنزل الله على موسى فوضعته فيه أمه فألقته في اليم، فكان في بني إسرائيل معظما يتبركون به، فلما حضر موسى الوفاة وضع فيه الألواح ودرعه وما كان عنده آيات النبوة و أودعه يوشع وصيه، فلم يزل التابوت بينهم حتى استخفوا به وكان الصبيان يلعبون به في الطرقات، فلم يزل بنو إسرائيل في عز وشرف ما دام التابوت عندهم، فلما عملوا بالمعاصي واستخفوا بالتابوت رفعه الله عنهم، فلما سألوا النبي بعث الله طالوت إليهم ملكا يقاتل معهم رد الله عليهم التابوت كما قال الله " ان آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة " قال: البقية، ذرية الأنبياء، قوله: " فيه سكينة من ربكم " فإن التابوت كان يوضع بين يدي العدو وبين المسلمين، فيخرج منه ريح طيبة لها وجه كوجه الانسان (1) وما في هذا الخبر من أن ذلك النبي كان إرميا، ينافي ما نقل في مجمع البيان

(1) تفسير علي بن إبراهيم القمي: ج 1، ص 81 قصة طالوت وجالوت
(٥٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 582 583 584 585 586 587 588 589 590 591 592 ... » »»
الفهرست