تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٤١٦
سألتاني الطلاق أن رأتاني * قل مالي قد جئتماني بنكر أرقت وصحبتي بمضيق عمق * ليرق من تهامة مستطير سقوني الخمر ثم تكنفوني * عداة الله من كذب وزور (فقالوا ما تشاء فقلت ألهو * إلى الإصباح آثر ذي أثير) في سورة الروم. عند قوله تعالى (ومن آياته يريكم البرق خوفا) فإن الفعل إما أن يقدر بأن كما في قوله:
ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى * وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدى أي أن أحضر أو ينزل منزلة المصدر أو هو على حاله صفة لمحذوف: أي أنه يريكم البرق كقوله:
وما الدهر إلا تارتان فمنهما * أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح أي منهما تارة أموت فيها وأخرى أبتغي فيها أي من آياته شئ أو سحاب يريكم البرق، ويقال في المثل: آثر ذي أثير: أي أول كل شئ مؤثرا له. ومعناه: قالوا ما تشاء؟ قلت أن ألهو أو اللهو إلى الصبح. آثر كل شئ يؤثر فعله، ففي ألهو إضمار وإنزال الفعل منزلة المصدر، وبهما فسر المثل: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه.
(وكل خليل غير هاضم نفسه) هو للشماخ. في سورة الروم عند قوله تعالى (من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون) أي كل منهم فرح بمذهبه مسرور يحسب باطله حقا، فالظاهر أنه خبر كل حزب، وجوز الزمخشري أن يرتفع وصفا لكل كقوله: وكل خليل الخ. قال أبو حيان: قدر أولا فرحين مجرورا صفة لحزب، ثم قال: ولكنه رفع على الوصف لكل لأنك إذا قلت من قولك (1) كل رجل صالح جاز في صالح الخفض نعتا لرجل وهو الأكثر كقوله:
جادت عليه كل عين ثرة * فتركن كل حديقة كالدرهم وجاز الرفع نعتا لكل كقوله:
ولهت عليه كل معصفة * هو جاء ليس للبهازير برفع هو جاء صفة لكل، وعجز البيت على ما نقل عن المصنف * فبالصد والإعراض عنه جدير وفى رواية * لوصل خليل صارم أو مصادر * والمصادرة المجانبة: يعنى كل خليل لا يكسر نفسه لصاحبه ولا يتحمل منه الأذى في نيل وصاله يؤدى به ذلك إلى الصرم والمجانبة، وهذا من الأبيات التي ذكر صدرها ولم يذكر عجزها، وفى معنى البيت قوله:
إذا أنت لم تنصف أخاك وجدته * على طرف الهجران إن كان يعقل ويركب حد السيف من أن تضيمه * إذا لم يكن عن شفرة السيف مزحل وأما من قابل الإساءة بالإحسان، وعفا عفو الذهلي وقال القوم إخوان، اختار ما هو الأولى والأحرى في الأولى والأخرى، وأحسن وتجمل وأغضى وتحمل، وعلم أن العذر عند كرام الناس مقبول وعمل بقول من يقول:

(1) (من قولك) كذا في الأصل وحرز هذه العبارة، كتبه مصححه.
(٤١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 411 412 413 414 415 416 417 418 419 420 421 ... » »»
الفهرست