تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٤١٥
انهماكا في المعصية، وكأن أبا نواس بنى على مذهبهم قوله: فبح باسم من تهوى. البوح: ظهور الشئ، يقال باح ما كنتم: أي ظهر، وباح به صاحبه: أي أظهره. وقوله ودعني من الكنى، يقال كنى فلان عن أمر كذا يكنى: إذا تكلم بغيره:
(تنظرت نصرا والسماكين أيهما * على من الغيث استهلت مواطره) هو للفرزدق في سورة القصص عند قوله تعالى (أيما الأجلين قضيت فلا عدوان على) حيث قرئ أيما بسكون الياء كما في البيت. قالوا: وأكثر ما يجئ ذلك في الشعر كقول الشاعر:
وكائن رددنا عنكم من مدجج * يجئ إمام القوم يردى مقنعا وكقوله:
وكائن إليكم قاد من رأس فتنة * جنودا وأمثال الجبال كتائبا وقول جرير:
وكائن بالأباطح من صديق * يراني لو أصبت هو المصابا تنظرت: أي انتظرت، والمنظور: الذي يرجى خيره، والسماكان نجمان: السماك الأعزل وهو الذي لا شئ بين يديه، والسماك الرامح وهو الذي بين يديه الكواكب. وهل السحاب واستهل: إذا انصب شديدا ونصر اسم الممدوح، ومن للبيان. يقول: انتظرت نصرا ونوء السماكين أيهما استهلت مواطره على من الغيث لأنى لم أفرق بين نصر وبين السماكين في الجود، والضمير في مواطره راجع إلى أي، والمواطر جمع ماطرة وهو بمعنى المطر، وأيهما أصله أيهما فسكن الياء لضرورة الشعر وفيه حذف تقديره لأعلم أيهما، فإن كانت ما استفهامية فهو في محل المفعول الأول وما بعده المفعول الثاني، وإن كان موصولا فهو المفعول وما بعده صلة ويكون العلم بمعنى المعرفة.
(باتت حواطب ليلى يلتمسن لها * جزل الجذى غير خوار ولا دعر) هو لابن مقبل. في سورة القصص عند قوله تعالى (أو جذوة من النار) باللغات الثلاث بفتح الجيم وكسرها وضمها وكلها بمعنى واحد، وكذلك جمعها مثلث: وهو العود الغليظ كانت في رأسه نار أو لم تكن، وهى بلغة جميع العرب، وليس المراد هنا إلا ما في رأسه نار، وحواطب: ليل الجواري اللاتي يطلبن الحطب، والجزل:
الحطب اليابس وما عظم منه، وأنشد أحمد بن يحيى:
فويها لتدرك ويها لها * إذا اختير في المحل جزل الحطب والخوار: الضعيف الذي لا بقاء له على الشئ، وهو في كل شئ عيب إلا في قولهم ناقة خوارة كثيرة اللبن، ونخلة خوارة كثيرة الحمل، ولا دعر بالدال المهملة مصدر من قولك دعر العود بالكسر يدعر دعرا فهو عود دعر والدعر الكثير الدخان، ويكون أيضا السوس ومنه أخذت الدعارة وهو الفسق والخبث.
(وى كأن من يكن له نشب يح‍ * بب ومن يفتقر يعش عيش ضر) في سورة القصص عند قوله تعالى (ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء) إلى قوله (ويكأنه لا يفلح الكافرون) وى مفصولة عن كأن، وهى كلمة تنبه عن الخطأ وتندم. نشب: أي مال، ويحبب جواب من. والمعنى: اعلم أن الغنى محبوب في الناس، والفقير يعيش في الناس عيش ذل وضر. والمصراع الأول إلى قوله يح وهو من الخفيف، وقبله:
(٤١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 410 411 412 413 414 415 416 417 418 419 420 ... » »»
الفهرست