تداويت من ليلى بليلى من الهوى * كما يتداوى شارب الخمر بالخمر قال الأخفش: كل كأس في القرآن فهي الخمر وكذا في تفسير ابن عباس، وهو مجاز شائع.
(نفسي بشئ من الدنيا معلقة * الله والقائم المهدى يكفيها) في سورة الجاثية عند قوله تعالى (وإذا علم من آياتنا شيئا اتخذها هزوا) من جهة أن الضمير المؤنث فيه وجهان: أحدهما أنه عائد على آياتنا، والثاني أنه يعود على شئ وإن كان مذكرا لأنه بمعنى الآية كقول أبى العتاهية:
* نفسي بشئ من الدنيا معلقة * الخ، لأنه أراد بشئ جارية يقال لها عتبة كانت للمهدى من حظاياه وكان أبو العتاهية يهواها، أهدى إلى المهدى في النيروز برنية فيها ثوب في حواشيه البيتان، فهم المهدى يدفعها إليه، فقالت: أتدفعني إلى رجل جرار قبيح الوجه والمنظر متكسب بالتعشق والشعر؟ فانصرف عن ذلك وأمر أن تملأ البرنية مالا وتدفع إليه، فقال أبو العتاهية للخزان: إنما أمر لي بدنانير، فقالوا: نعطيك دراهم ونراجع، فإن كان دنانير قاصصناك، فاختلفوا في ذلك سنة، فقالت عتبة: لو كان عاشقا كما يصف لما فرق بينهما ولما صرف همته إليها، وبعد البيت:
إني لأبأس منها ثم يطمعني * فيها احتقارك للدنيا وما فيها (تشببي تشبب النميمة * تمشى بها زهرا إلى تميمة) في سورة ن عند قوله تعالى (مشاء بنميم) والنميمة: السعاية. والشاعر يخاطب امرأة ويقول لها: تشببي كما تشبب النميمة فإنها خصلة مذمومة قديمة. قال الحميدي: فقدما وقدت النميمة خير البشر حتى انتشر عن حمالة الحطب ما انتشر، ثم قال: من قدمها تمشى بها زهرا، وهى اسم نمامة إلى تميمة وهى قبيلة تميم.
حرف الياء (وكم موطن لولاي طحت كما هوى * بأجرامه من قلة النيق منهوى) في سورة التوبة عند قوله تعالى (لقد نصركم الله في مواطن كثيرة) مواطن الحرب: مقاماتها ومواقفها، والمراد وقعات بدر وقريظة والنضير والحديبية وخيبر وفتح مكة، وامتناعه من الصرف لأنه جمع على صيغة لم يأت عليها واحد، طاح: أي هلك، قال:
ليبك يزيد ضارع لخصومة * ومختبط مما تطيح الطوائح هوى من جبل عال يهوى هويا. وقلة النيق: رأس الجبل. ومعناه: رب موطن لولاى هلكت فيه كما هلك المنهوي من رأى جبل عال 7، وأما عطف ظرف الزمان على ظرف المكان ومراعاة المناسبة، وإن لم تجب عند النحويين تجب عند علماء البيان. قال صاحب التقريب: لا يعطف زمان على مكان، وإنه لا بد من تقدير عامل آخر: إما عند يوم حنين على أن إذ أعجبتكم بدل من يوم حنين، وإما عند إذ أعجبتكم لأنه لو لم يقدر لزم أن يكون إذ أعجبتكم قيدا للنصر المذكور فيلزم الإعجاب في جميع المواطن، والواقع بخلافه. والبيت من قصيدة ليزيد بن الحكم بن أبي العاص الثقفي أولها:
تكاشرني كرها كأنك ناصح * وعينك تبدى أن صدرك لي دوى