بالمعروف. والهادي من كل شئ: أوله ولذلك قيل هوادى الخيل إذا بدت أعناقها، لأنها أول الشئ من أجيادها، كأنه علم: أي رأس جبل: أي كأنه في الظهور والوضوح جبل في رأسه نار.
(وأقرنت ما حملتني ولقلما * يطاق احتمال الصد ياد عد والهجر) في سورة الزخرف عند قوله تعالى (سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين) مطيقين، قال ابن هرمة:
وأقرنت ما حملتني الخ، أقرن الشئ: إذا أطاقه، وحقيقة أقرنه وجده قرينته وما يقرن به لأن الصعب لا يكون قرينة الضعيف. وصد صدودا: إذا أعرض. والهجر: ترك ما يلزمك تعاهده. يقول: قلما يطاق احتمال الصد والهجران معا وقد أطقت ذلك.
(ناري ونار الجار واحدة * واليه قبلي تنزل القدر ما ضرني جار أجاوره * أن لا يكون لبابه ستر أعشو إذا ما جارتي برزت * حتى يوارى جارتي الخدر) هو لحاتم الطائي. في سورة الزخرف عند قوله تعالى (ومن يعش عن ذكر الرحمن) إذا صدرت عن الشئ إلى غيره قلت عشوت عنه ومنه الآية، وهذا أشهر من قول الحطيئة:
* متى تأته تعشو إلى ضوء ناره * لأنه قيد بالوقت وأتى بالغاية وما هو خلقي لا يزول، أخبر عن نفسه بحسن المجاورة وأن جاره آمن في كل أسبابه في نفسه وأهله وماله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " لا يؤمن أحدكم حتى يأمن جاره بوائقه " وقوله أعشو: أي أنظر نظر العشى، وما زائدة. ومن عفة حاتم ما روى أبو عبيدة قال: خرج رجل من بنى غني وكان مصاحبا لحاتم، فأوصى حاتما بأهله فكان يتعاهدهم، فإذا جزر بعث إليهم من أطايبها وغير ذلك، فراودته امرأة الرجل فاستعصم، فلما قدم زوجها أخبرته أن حاتما أرادها، فبلغه ذلك من قبل امرأته فأنشأ يقول:
وما تشتكيني جارتي غير أنني * إذا غاب عنها زوجها لا أزورها سيبلغها خيري ويرجع بعلها * إليها ولم تسبل علي ستورها فلما سمع الرجل ذلك عرف أن حاتما برئ فطلق امرأته. ومما يجرى مجرى هذه الأبيات ويقاربها في المعنى قول بعضهم (هو حميد بن ثور الهلالي):
وإني لعف عن زيارة جارتي * وإني لمشنوء إلي اغتيابها إذا غاب عنها بعلها لم أكن لها * زءورا ولم تنبح علي كلابها وما أنا بالداري أحاديث بيتها * ولا عالم من أي حوك ثيابها وإن قراب البطن يكفيك ملؤه * ويكفيك سوآت الأمور اجتنابها ومما نحن فيه قول حاتم أيضا:
إذا ما صنعت الزاد فالتمسي له * أكيلا فإني لست آكله وحدى وإني لعبد الضيف ما دام ثاويا * وما في إلا تلك من شيمة العبد