فعاش مائة وعشرين سنة، وكان إذا سقط له سن نبتت، وكانت أسنانه كالمبرد أو كالبرد. ولا يفضض الله فاك:
أي أسنان فيك، ومجدنا وسناءنا مفعولان، وقبل البيت:
ولا خير في حلم إذا لم يكن له * بوادر تحمى صفوه أن يكدرا ولا خير في جهل إذا لم يكن له * حليم إذا ما أورد الأمر أصدرا والبادرة: الكلمة تصدر حالة الغضب * أي من لم يقمع السفيه استضعف.
إني إذا مضر على تحدثت (1) * (لاقيت مطلع الجبال وعورا) هو لجرير. في سورة مريم عند قوله تعالى (اطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا) من قولهم: اطلع الجبل:
إذا طلع إلى أعلاه كما في البيت. قال في الكشاف: يقولون مر مطلعا لذلك الأمر: أي عاليا له مالكا له، ولاختيار هذه الكلمة شأن. والوعر: المكان الصعب والوعور جمعه وهو مفعول لاقيت. ومطلع الجبال ظرف: أي إذا تحدثت على مضر على سبيل الغضب أو تقولت على ما لا أرتضيه لاقيت رؤوس الجبال التي هي بمثابة الحصون وعورا لا أقدر على الطلوع إليها والتحصن بها منهم، أو لقيت في مطلع الجبال وعورا تمنعني منهم أو تمنعهم منى فلا يقدرون على. ويجوز أن يكون حالا من الجبال على أن المطلع مصدر بمعنى الاطلاع، وقد يجعل حالا من المطلع، وكأنه جعل متعددا لإضافته إلى متعدد، ولا يبعد فإن لكل جبل مطلعا. ويروى وعورا بفتح الواو.
وكأن هذا القائل من أجل ذلك الوعيد رأى الحزم في العزم على الهرب إلى المكان البعيد، ورأى من الرأي أن يقتحم عقابا، ووجد لغيظ مضر كل الناس غضابا، كما وقع لدعبل الخزاعي لما هجا ابن هارون الرشيد لم ير بدا من الهرب من بغداد إلى أسوان وهى بلدة في أعلى الصعيد. فانهزم من بغداد وتسحب وخرج منها خائفا يترقب.
وأنشد:
وإن امرأ أضحت مطارح همه * بأسوان لم يترك من الحزم معلما حللت محلا يحسر الطرف دونه * ويعجز عنه الطيف أن يتجشما وقد تذكر محرره عند كتابة هذا المحل والحال قول من قال:
إذا مضر الحمراء كانت أرومتي * وقام بنصري حازم وابن حازم عطست بأنف شامخ وتناولت * يداي الثريا قاعدا غير قائم فتعجب من غلو هذا القائل، وعلو عمة هذا المتناول. وبالجملة ففرق بين المقامين، وشتان ما بين اليزيدين، وقد دل ذلك على اختلاف المطالع وشرف الطالع، وعلى كل حال فلا تتساوى في الأكف الأصابع، ولأجل ذلك قيل:
ولم أر أمثال الرجال تفاوتت * لدى الفضل حتى عد الألف بواحد (غلام رماه الله بالحسن يافعا * له سيمياء لا تشق على البصر كأن الثريا علقت فوق نحره * وفى أنفه الشعرى وفى خده قمر) في سورة طه عند قوله تعالى (أن اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم) فإن القذف يقال للإلقاء وللوضع كقوله