إذا ما بدا من صاحب لك زلة * فكن أنت محتالا لزلته عذرا وعلى كل حال فلله در من قال (هو النابغة الذبياني):
ولست بمستبق أخا لا تلمه * على شعث أي الرجال المهذب (وإنك لو رأيت أبا عمير * ملأت يديك من غدر وختر) في سورة لقمان عند قوله تعالى (وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور) الختر أشد الغدر، ومنه قولهم: إنك لا تمد لنا شبرا من غدر إلا مددنا لك باعا من ختر. يريد المبالغة في وصف غدر أبي عمير. روى " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا عد بأصابع يده اليمنى: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وبأصابع يده اليسرى اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني واجبرني، فقال له صلى الله عليه وسلم: ملأت يديك خيرا " فعلى القياس: من عد معايب أحد بأصابع يديه ملأ يديه شرا، فكأن القائل ينبه أن في أبي عمير عشرا من الأخلاق الذميمة.
(ولا يكشف الغماء إلا ابن حرة * يرى غمرات الموت ثم يزورها) هو من أبيات الحماسة، وبعد البيت:
نقاسمهم أسيافنا شر قسمة * ففينا غواشيها وفيهم صدورها في سورة السجدة عند قوله تعالى (ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها) والمعنى: أن الإعراض عن مثل آيات الله في وضوحها وإنارتها وإرشادها إلى سواء السبيل بعد التذكير بها مستبعد جدا كما في البيت، فإنه استبعد أن يزور غمرات الموت بعد أن رآها واستيقنها واطلع على شدتها: أي لا يكشف الخصلة الشديدة إلا رجل كريم يرى قحم الموت ثم يتوسطها لا يعدل عنها، وإنما قال ابن حرة ليصير مهيجا لأنفته، وفي إيثار لفظ الزيارة وإشعاره بأنه يلاقيها لقاء معظم لمحبوبه من المبالغة ما لا يخفى. وقد استشهد بالبيت المذكور في سورة الجاثية عند قوله تعالى (ثم يصر مستكبرا) من حيث أن معنى ثم الإيذان بأن فعل المقدم عليها بعد ما رآها وعاينها شئ مستبعد في العادات والطباع، وكذلك آيات الله الواضحة الناطقة بالحق من تليت عليه وسمعها كان مستبعدا في العقول إصراره على الضلالة عندها واستكباره عن الإيمان بها.
(أيادي سبا يا عز ما كنت بعدكم * فلم يحل للعينين بعدك منظر) هو لكثير عزة. في سورة سبأ عند قوله تعالى (لقد كان لسبأ في مساكنهم آية جنتان) إلى آخر الآية، فإنهم لما عدوا النعمة نقمة والإحسان إساءة جعلناهم أحاديث ومزقناهم في البلاد، فصار يضرب بهم المثل فيقال:
تفرقوا أيدي سبا، وصاروا أيدي سبا، قال الشاعر:
ألموا بدار فرق الدهر أهلها * أيادي سبا في شرق أرض ومغرب يا عز أصله يا عزة وهي اسم معشوقته، وما للدوام. والحلو من الرجال والنساء: ما تستحليه العين، تقول حلى بعيني حلاوة. والمراد بالأيدي الأولاد، لأن الأولاد أعضاد الرجل لتقويه بهم، وفي المفصل: أن الأيدي الأنفس كناية أو مجازا. واستشهد به على أنه أجرى مجرى المثل ولهذا استعمل في المفرد.
(تمنى نئيشا أن يكون أطاعني * وقد حدثت بعد الأمور أمور) في سورة سبأ عند قوله تعالى (وأنى لهم التناوش) قوله نئيشا: أي أخيرا، من قولهم: نأشت إذا أبطأت