تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٤٣٦
صفة للفتنة على إرادة القول: أي فتنة مقولا فيها لا تصيبن، ونظيره البيت: أي بمذق مقول فيه هذا القول، وإما أن يكون جوابا للأمر: أي إن أصابتكم لا تصب الظالمين منكم خاصة ولكنها تعمكم، وإما أن يكون نهيا بعد أمر فكأنه قيل واحذروا ذنبا أو عقابا، ثم قيل: لا تتعرضوا للظلم فيصيب العقاب أو أثر الذنب ووباله من ظلم منكم خاصة.
(غلسته قبل القطا وفرطه) أوله * ومنهل من الفيافي أوسطه * وبعده * في ظل أجاج المقيظ مغبطه * في سورة النور عند قوله تعالى (إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم) أي رسول الله كقولك أعجبني زيد وكرمه تريد كرم زيد، ومنه:
غلسته قبل القط وفرطه * أراد وقبل فرط القطا: أي ورده في ظل المقيظ بمعنى شدة حره. فرط القطا: متقدماتها إلى الوادي والماء.
(وقد جعل الوسمي ينبت بيننا * وبين بني رومان نبعا وشوحطا) في سورة الشورى عند قوله تعالى (ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض) من البغي وهو الظلم، الوسمي أول المطر لأنه يسم الأرض بالنبات نسبة إلى الوسم. والنبع: شجر تتخذ منه القسي. والشوحط أيضا:
شجر تتخذ منه القسي، يريد أنهم إذا كان الربيع اتخذوا قسى النبع والشوحط، وذلك أنه إذا كان الربيع وأسكنت المياه تذكروا الذحول وطلبوا الأوتار لإمكان البقل والماء، كما قال الشاعر:
وأطول في دار الحفاظ إقامة * وأربط أقداما إذا البقل أحملا يريد أنهم لا يحملون إذا البقل حمل الناس أن يحملوا.
حرف العين (واستمطروا من قريش كل منخدع * إن الكريم إذا خادعته انخدعا) في سورة البقرة عند قوله تعالى (يخادعون الله) حيث جاء النعت بالانخداع ولم يأت بالخدع، والمعنى: استمطر القوم من بني قريش كل رجل غر كريم، فإن الكريم إذا خادعته رضي بالخداع. قيل إن كعب الأحبار قال لأمير المؤمنين عمر رضي الله عنه في زمان جدب: إن بني إسرائيل كانوا إذا أصابهم أشباه ذلك استسقوا بعصبة الأنبياء، فقال عمر: هذا عم النبي صلى الله عليه وسلم وصنو أبيه وسيد بني هاشم، فصعد عمر المنبر وصعد معه العباس، وقال: اللهم إنا كنا إذا قحطنا استسقينا بنبيك فتسقينا كما قيل:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمة للأرامل وإنا نستسقيك اليوم بعم نبيك فاسقنا، فسقوا في الحال. وقال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه في ذلك:
بعمي سقى الله البلاد وأهلها * عشية يستسقى بشيبته عمر توجه بالعباس في الجدب راغبا * فما حار حتى جاد بالديمة المطر (وخيل قد دلفت لها بخيل * تحية بينهم ضرب وجيع)
(٤٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 431 432 433 434 435 436 437 438 439 440 441 ... » »»
الفهرست