تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٤١٤
في سورة الفرقان عند قوله تعالى (ويقولون حجرا محجورا) وهى كلمة يتكلمون بها عند لقاء عدو أو هجوم نازلة هائلة يضعونها موضع الاستعاذة حيث يطلبون من الله تعالى أن يمنع المكروه فلا يلحقهم، وكسر الحاء تصرف (1) فيه لاختصاصه بموضع واحد كما في قعدك وعمرك وعليه الرجز المذكور. والحيدة: الصدود، وذعر: خوف، والحجر: العوذ من حجره إذا منعه، لأن المستعيذ طالب من الله أن يمنع المكروه فلا يلحقه:
فكأن المعنى: أسأل ربى أن يمنع ذلك ويحجره حجرا.
(ألكني إليه وخير الرسو * ل أعلمهم بنواحي الخبر) وهذا البيت لم يذكر في شرح الشواهد عند قوله تعالى في سورة الشعراء (فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين) حيث أفرد الرسول لأنه يكون بمعنى المرسل أو بمعنى الرسالة فجعل في قوله (إنا رسولا ربك) بمعنى المرسل فلم يكن بد من تثنيته، وجعل ههنا بمعنى الرسالة فجازت التسوية فيه إذا وصف به بين الواحد والتثنية والجمع كما يفعل في الصفة بالمصادر نحو صوم وزور. وقال: ألكني الخ. المألكة والألوكة: الرسالة، وكذلك المألك والمألكة بضم اللام فيهما، وقالوا ألكني: أي تحمل رساتلي إليه، قال أبو زيد: ألكته أليكة وإلاكة: إذا أرسلته، قال لبيد:
وغلام أرسلته أمه * بألوك فبذلنا ما سأل أرسلته فأتاه رزقه * فاشتوى ليلة ريح واجتمل (وكنت إذا أرسلت طرفك رائدا * لقلبك يوما أتعبتك المناظر) رأيت الذي لا كله أنت قادر * عليه ولا عن بعضه أنت صابر هو من أبيات الحماسة. في سورة النمل عند قوله تعالى (قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك) أي لما كان الناظر موصوفا بإرسال الطرف وصف برد الطرف ووصف الطرف بالارتداد، ومعنى قوله (قبل أن يرتد إليك طرفك) أنك ترسل طرفك إلى شئ فقبل أن ترده أبصرت العرش بين يديك. قال بعض الحكماء: من أرسل طرفه استدعى حتفه. والرائد: الذي يتقدم القوم فيطلب الماء والكلأ لهم، ولذلك قيل في المثل:
الرائد لا يكذب أهله، لأنه إن كذبهم هلك معهم. والمعنى: إذا جعلت عينك رائدا بقلبك تطلب له الهوى والبلوى أتعبك نظرت وأوقعك مواردها في أشق المكاره، وذلك أنها تهجم بالقلب في ارتيادها على ما لا تصبر في بعضه على مذاقه مع تهيؤ اشتياقه ولا تقدر على السلو عن جميعه، فهو ممتحن الدهر ببلوى ما لا يقدر على كله ولا يصبر عن بعضه، والجناية في ذلك للعين لكونها قائدة الفؤاد وسائقته إلى الردى وهادية لدواعي الحب إليه: ولما كان الناظر (2) موصوفا بإرسال الطرف وصف برد الطرف في قوله (قبل أن يرتد إليك طرفك).
(ألا فاسقني خمرا وقل لي هي الخمر * ولا تسقني سرا إذا أمكن الجهر وبح باسم من تهوى ودعني من الكنى * فلا خير في اللذات من دونها ستر) في سورة النمل عند قوله تعالى (ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون) يبصر بعضكم بعضا

(1) وكسر الحاء تصرف الخ. عبارة الكشاف ومجيئه على فعل أو فعل في قراءة الحسن تصرف الخ، كتبه مصحه.
(2) ولما كان الناظر الخ: هذه عبارة مكررة مع ما سبق، كتبه مصححه.
(٤١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 409 410 411 412 413 414 415 416 417 418 419 ... » »»
الفهرست