تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٤٣٣
في الانشقاق عند قوله تعالى (وأذنت لربها وحقت) أي فعلت في انقيادها لله حين أراد انشقاقها فعل المطواع الذي إذا ورد عليه الأمر من جهة المطاع أنصت لأمره وأذعن: أي سمعت وانقادت وأذعنت لتأثير قدرته تعالى حين تعلقت إرادته بانشقاقها انقياد المأمور المطاوع إذا ورد عليه أمر المطاع.
(وقريش هي التي تسكن البحر * بها سميت قريش قريشا تأكل الغث والسمين ولا تترك * يوما لذي جناحين ريشا) هو لتبع. وقريش ولد النضر. في سورة قريش، سموا بتصغير القرش وهو دابة عظيمة في البحر تعبث في السفن ولا تطاق إلا بالنار. وعن معاوية أنه سأل ابن عباس بم سميت قريش؟ قال: بدابة في البحر تأكل ولا تؤكل وتعلو ولا تعلى، وأنشد البيتين، وبعدهما:
هكذا في الكتاب نالت قريش * يأكلون البلاد أكلا كشيشا ولهم آخر الزمان نبي * يكثر القتل فيهم والخموشا يملأ الأرض خيله ورجال * يحشرون المطي حشرا كميشا حرف الصاد (كلوا في بعض بطنكم تعفوا * فإن زمانكم زمن خميص) في سورة البقرة عند قوله تعالى (ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم) حيث وحد السمع كما وحد الجلد في قوله:
* قد عض أعناقهم جلد الجواميس * وكما وحد البطن في قوله كلوا في بعض بطنكم الخ، إذا أمن اللبس، فإذا لم يؤمن كقولك فرسهم وثوبهم وأنت تريد الجمع رفضوه. ولك أن تقول: السمع مصدر في الأصل والمصادر لا تجمع، يدل عليه جمع الأذن في قوله (وفي آذاننا وقر) وأن تقدر مضافا محذوفا: أي على حواس سمعهم. أقول: تقدير المضاف أشبه من أن تحمله على الوجه الآخر الذي لا يكاد يجئ إلا في شعر، ومن ذلك قوله تعالى (لقد كان لسبأ في مسكنهم) حيث أفرده حمزة والكسائي وحفص حيث جعل المسكن مصدرا وحذف المضاف والتقدير في مواضع سكناهم، ومن ذلك قوله تعالى (في مقعد صدق) أي مواضع قعود. ألا ترى أن لكل واحد من المتقين موضع قعود؟
(لأصبحن العاص وابن العاصي * سبعين ألفا عاقدي النواصي) في سورة التوبة عند قوله تعالى (استغفر لهم أو لا تستغفر لهم الآية) والسبعون جار مجرى المثل في كلامهم للتكثير كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لأصبحن العاص الخ: أي لأسقين الصبوح، وقد شاع ذلك في العبارات * صبحنا الخزرجية مرهفات * والعاص إن روى بالكسر فعلى الوصف بالعصيان، وإن روى بالفتح فكأنه أريد القبيلة وهو عمرو بن العاص. وسبعين ثاني مفعولي لأصبحن، والمراد الفرسان عاقدي نواصي الخيل. من عادة العرب أن تستعمل مثل هذا العدد للكثرة (كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة) يقول علي عليه السلام: لأغازين الرجل العاصي عمرا بسبعين ألفا من الخيل عاقدي نواصي خيولهم.
[تتمة] اعلم أن العرب تبالغ في السبع والسبعين، لأن التعديل في نصف العقد وهو خمسة، فإذا زيد عليها
(٤٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 428 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 ... » »»
الفهرست