في سورة ص عند قوله تعالى (إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد) الصافن: الذي يقف على طرف سنبك يد أو رجل، وأما الضافن بالضاد: فالذي يجمع بين يديه: أي كأنه من جنس ما يقوم على ثلاث قوائم حال كونه مكسور القائمة الأخرى. قال ابن الحاجب في أماليه: هذا البيت يوهم أن كسيرا خبر لكأن في المعنى أو يسبق إلى الفهم أنه يشبهه لشدة رفعه إحدى قوائمه بكسير، وأن قوله مما يقوم على الثلاث يقرر سبب تشبيهه به فكأنه قال: كسير من أجل دوام قيامه على الثلاث. ويلزم على هذا أن يكون نصب كسير كفا، فينبغي أن يطلب له وجه لا يصح في الإعراب ولا يخل المعنى فنقول: إن أخبر بقوله مما يقوم وما بمعنى الذي فكأنه قال: كأنه من الخيل الذي يقوم على الثلاث وكسيرا حال من الضمير وذكر يقوم إجراء له على لفظة ما: أي يشبه بالخيل الذي يقوم على الثلاث في حال كونه مكسورا إحدى قوائمه، فاستقام المعنى المراد على هذا ووجب نصب كسيرا على الحال، ولا يستقيم أن يكون خبرا ليزال، وأطال الكلام في توجيه ذلك.
إن العفاة غدوا ببابك عكفا * (لم يبرحوا إن العطاء يسار) في سورة ص عند قوله تعالى (وآخرين مقرنين في الأصفاد) قال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه: من برك فقد أسرك، ومن جفاك فقد أطلقك. وقال المتنبي:
وقيدت نفسي في ذراك محبة * ومن وجد الإحسان قيدا تقيدا إن العفاة بالسيوب قد غمر * (حتى أحزألت زمر بعد زمر) في سورة الزمر عند قوله تعالى (وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا) الزمر: الأفواج المتفرقة بعضها في أثر بعض، ومنه قيل شاة زمرة: قليلة الشعر، ورجل زمر: قليل المروءة. والسيوب: الركاز جمع سيب مثل فلس وفلوس. والسيب: العطاء، ومنه قول أبى الطيب:
ومن الخير بطء سيبك عنى * أسرع السحب في المسير جهام واحزأل بالحاء المهملة: ارتفع في السير.
(وإذا ما أشاء أبعث منها * آخر الليل ناشطا مذعورا) في سورة حمعسق عند قوله تعالى (وهو على جمعهم إذا يشاء قدير) على دخول إذا على المضارع كما تدخل على الماضي، قال الله تعالى (والليل إذا يغشى)، ومنه (إذا يشاء قدير) وقوله: وإذا ما أشاء أبعث منها الخ.
والمذعور من الذعر: وهو الفزع. منها: أي من المطية، ومن تجريدية. والناشط: الثور الوحشي يخرج من أرض إلى أرض. يعنى لو أريد أبعث ناقتي للسير حتى تسرع كأنها ناشط مذعور، وإنما قال مذعورا لأنه إذا طوف كان أسرع سيرا.
(وإن صخرا لمولانا وسيدنا * وإن صخرا إذا نشتو لنحار أغر أبلج تأتم الهداة به * كأنه علم في رأسه نار) هو للخنساء في أخيها صخر. في سورة الرحمن عند قوله تعالى (وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام) كأنها تقول: إنه إذا دخل في الشتاء والشدة ينحر الإبل كثيرا للأضياف. والأغر: الأبيض، والأبلج: الطلق الوجه