لموسى: (انى اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين) ثم قال: (وكتبنا له في الألواح من كل شئ موعظة وتفصيلا لكل شئ وقد كان عند العالم علم لم يكتب لموسى في الألواح، وكان موسى يظن أن جميع الأشياء التي يحتاج إليها في تابوته، وجميع العلم قد كتب له في الألواح كما يظن هؤلاء الذين يدعون انهم فقهاء وعلماء، وانهم قد أثبتوا جميع العلم و الفقه في الدين مما يحتاج هذه الأمة إليه، وصح لهم عن رسول الله وعلموه ولفظوه، وليس كل علم رسول علموه ولا صار إليهم عن رسول الله ولا عرفوه، وذلك أن الشئ من الحلال والحرام والاحكام يرد عليهم فيسئلون عنه ولا يكون عندهم فيه أثر عن رسول الله ويستحيون ان ينسبهم الناس إلى الجهل ويكرهون ان يسئلوا فلا يجيبوا فيطلبوا الناس العلم من معدنه، فلذلك استعملوا الرأي والقياس في دين الله، وتركوا الآثار ودانوا الله بالبدع، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: كل بدعة ضلالة، فلو انهم إذا سئلوا عن شئ من دين الله فلم يكن عندهم منه أثر عن رسول الله ردوه إلى الله والى الرسول والى أولي الأمر منهم، لعلمه الذين يستنبطونه منهم، من آل محمد صلى الله وعليه وآله والذي منعهم من طلب العلم منا العداوة والحسد لنا، ولا والله ما حسد موسى العالم، وموسى نبي الله يوحى إليه حيث لقيه واستنطقه وعرفه بالعلم، ولم يحسده كما حسدتنا هذه الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله على ما علمنا وما ورثنا عن رسول الله صلى الله عليه وآله، ولم يرغبوا الينا في علمنا كما رغب موسى إلى العالم، وسأله الصحبة ليتعلم منه العلم ويرشده.
فلما ان سأل العالم ذلك علم العالم ان موسى لا يستطيع صحبته ولا يحتمل عليه ولا يصبر معه فعند ذلك قال العالم: (وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا) فقال له موسى وهو خاضع له يستعطفه على نفسه كي يقبله: (ستجدني انشاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا) وقد كان العالم يعلم أن موسى لا يصبر على علمه، فذلك والله يا إسحاق بن عمار حال قضاة هؤلاء وفقهائهم وجماعتهم اليوم، لا يحتملون والله علمنا، ولا يقبلونه ولا يطيقونه، ولا يأخذون به، ولا يصبرون عليه كما لم يصبر موسى