فلما رجعوا إلى أبيهم فتحوا متاعهم فوجدوا بضاعتهم فيه (1) قالوا: يا أبانا ما نبغي هذه بضاعتنا قد ردت الينا وكيل لنا كيل قد زاد حمل بعير، (فأرسل معنا أخانا نكتل وانا له لحافظون قال هل آمنكم عليه الا كما أمنتكم على أخيه من قبل) فلما احتاجوا إلى الميرة بعد ستة اشهر بعثهم يعقوب، وبعث معهم بضاعة يسيرة وبعث معهم ابن ياميل واخذ عليهم بذلك موثقا من الله لتأتنني به الا ان يحاط بكم أجمعين، فانطلقوا مع الرفاق حتى دخلوا على يوسف، فقال لهم معكم ابن ياميل؟
قالوا: نعم هو في الرحل قال لهم: فأتوني فأتوه به وهو في دار الملك، فقال: أدخلوه وحده فأدخلوه عليه، فضمه يوسف إليه وبكى، وقال له: انا أخوك يوسف فلا تبتئس بما تراني اعمل، واكتم ما أخبرتك به ولا تحزن ولا تخف، ثم أخرجه إليهم وامر فتيته ان يأخذوا بضاعتهم، ويعجلوا لهم الكيل، فإذا فرغوا جعلوا المكيال في رحل ابن ياميل ففعلوا به ذلك وارتحل القوم مع الرفقة فمضوا، فلحقهم يوسف وفتيته فنادوا فيهم: (قال أيتها العير انكم لسارقون قالوا واقبلوا عليهم ماذا تفقدون قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وانا به زعيم قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين قالوا فما جزائه ان كنتم كاذبين قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه) قال (فبدا بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل).
فقال لهم يوسف: ارتحلوا عن بلادنا (قالوا يا أيها العزيز ان له أبا شيخا كبيرا) وقد اخذ علينا موثقا من الله لنرد به إليه، (فخذ أحدنا مكانه انا نريك من المحسنين) ان فعلت (قال معاذ الله أن نأخذ الا من وجدنا متاعنا عنده) فقال كبيرهم: انى لست أبرح الأرض حتى يأذن لي أبى أو يحكم الله لي، ومضى اخوة يوسف حتى دخلوا على يعقوب فقال لهم: فأين ابن ياميل؟ قالوا: ابن ياميل سرق مكيال الملك فاخذه الملك بسرقته فحبس فسل أهل القرية والعير حتى يخبروك بذلك