فضربوه ضربة على قرنه الأيسر فمات منها، ثم أحياه الله بعد مأة عام وعوضه الله من الضربتين اللتين على رأسه قرنين في موضع الضربتين أجوفين وجعل عز ملكه وآية نبوته في قرنه.
ثم رفعه الله إلى السماء الدنيا فكشط له عن الأرض (1) كلها جبالها وسهولها وفجاجها حتى أبصر ما بين المشرق والمغرب، وآتاه الله من كل شئ علما يعرف به الحق والباطل، وأيده في قرنيه بكسف من السماء، فيه ظلمات ورعد وبرق، ثم أهبط إلى الأرض وأوحى الله إليه: ان سر في ناحية غرب الأرض وشرقها فقد طويت لك البلاد، وذللت لك العباد، فأرهبتهم منك، فسار ذو القرنين إلى ناحية المغرب فكان إذا مر بقرية زأر فيها (2) كما يزأر الأسد المغضب، فينبعث من قرنيه ظلمات ورعد وبرق وصواعق، ويهلك من ناواه وخالفه، فلم يبلغ مغرب الشمس حتى دان له أهل المشرق والمغرب، قال: وذلك قول الله (انا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شئ سببا) فسار (حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة) إلى قوله (اما من ظلم ولم يؤمن بربه فسوف نعذبه) في الدنيا بعذاب الدنيا (ثم يرد إلى ربه) في مرجعه (فيعذبه عذابا نكرا) إلى قوله: (وسنقول له من أمرنا يسرا ثم أتبع سببا) ذو القرنين من الشمس سببا.
ثم قال أمير المؤمنين: ان ذا القرنين لما انتهى مع الشمس إلى العين الحامية وجد الشمس تغرب فيها ومعها سبعون الف ملك يجرونها بسلاسل الحديد، والكلاليب يجرونها من قعر البحر في قطر الأرض الأيمن، كما تجرى السفينة على ظهر الماء، فلما انتهى معها إلى مطلع الشمس سببا (وجدها تطلع على قوم) إلى قوله (بما لديه خبرا) فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ان ذا القرنين ورد على قوم قد أحرقتهم الشمس وغيرت أجسادهم وألوانهم حتى صيرتهم كالظلمة (ثم اتبع) ذو القرنين (سببا) في ناحية الظلمة، (حتى إذا بلغ بين السدين وجد