الجمهور (1). وقال المعلمي: لا شبهة أن المبتدع إن خرج ببدعته عن الإسلام لم تقبل روايته لأن من شرط قبول الرواية الإسلام (2). وحتى حكى النووي الإجماع على أن روايته لا تقبل. وتعقبه السيوطي فقال: قيل دعوى الاتفاق ممنوعة فقد قيل إنه يقبل مطلقا وقيل إن اعتقد حرمة الكذب (3).
وقال ابن حجر بعد ذكر القولين: " والتحقيق أنه لا يرد كل مكفر ببدعته لأن كل طائفة تدعي أن مخالفيها مبتدعة وقد تبالغ فتكفر مخالفيها فلو أخذ ذلك على الإطلاق لاستلزم تكفير جميع الطوائف. فالمعتمد أن الذي ترد روايته من أنكر أمرا متواترا من الشرع معلوما من الدين بالضرورة وكذا من اعتقد عكسه. فأما من لم يكن بهذه الصفة وانضم إلى ذلك ضبطه لما يرويه مع ورعه وتقواه فلا مانع من قبوله (4).
وكذلك المبتدع الذي يستحل الكذب ولا تقبل روايته أبدا. قال أحمد شاكر: " وهذا القيد - أعني عدم استحلال - الكذب - لا أرى داعيا له، لأنه قيد معروف بالضرورة في كل راو، فإنا لا نقبل رواية الراوي الذي يعرف عنه الكذب مرة واحدة فأولى أن نرد رواية من يستحل الكذب أو شهادة الزور " (5).
فأما إذا توفرت فيه صفات القبول فما الحكم؟ الذي يظهر لي من خلال الأقوال المذكورة أن الجمهور قد اتفقوا على أن رواية المبتدع - إن لم يكن داعيا إلى بدعته - تقبل (6).