يعتضد الراوي المتصف به بغيره من المعتبرين فيحتج بروايته.
فأما الجرح الشديد هو الناشئ في الراوي من قبل كونه متهما في دينه وعدالته أو كونه سئ الحفظ جدا فاحش الخطأ فحينذاك تترك روايته بالمرة ولا يحتج به ولا يعتبر به.
قال الترمذي: " فكل من كان متهما في الحديث بالكذب أو كان مغفلا يخطئ الكثير فالذي اختار أكثر أهل الحديث من الأئمة أنه لا يشتغل بالرواية عنه " (1) وروى الخطيب بسنده عن ابن مهدي أنه قال:
سمعت شعبة وسئل: من الذي يترك حديثه؟ قال: " الذي إذا روى عن المعروفين ما لا يعرفه المعروفون فأكثر طرح حديثه. وإذا روى حديثا غلطا مجمعا عليه فلم يتهم نفسه فيتركه طرح حديثه. وإذا كثر الغلط يترك حديثه. وما كان غير ذلك فارو عنه " (2).
فإن لم يكن الجرح شديدا كأن يكون ناشئا من ضعف الراوي بسبب سوء حفظ غير فاحش أو وهم يسير في بعض رواياته أو التدليس أو الاختلاط في آخر العمر وما إلى ذلك فمثل هذا يكتب حديثه ويعتبره به.
فإن رواه غيره أو وجد ما يشهد لمعناه علم أنه لم يهم في روايته تلك.
قال الحافظ ابن حجر: " ومتى توبع السئ الحفظ بمعتبر كأن يكون فوقه أو مثله لا دونه كذا المختلط الذي لم يتميز والمستور والإسناد المرسل وكذا المدلس إذا لم يعرف المحذوف منه صار حديثهم حسنا لا لذاته بل وصفه بذلك باعتبار المجموع من المتابع والمتابع. لأن مع كل واحد منهم احتمال كون رواياته صوابا أو غير صواب على حد سواء. فإذا جاءت من المعتبرين رواية موافقة لأحدهم رجح أحد الجانبين من الاحتمالين المذكورين. ودل ذلك على أن الحديث محفوظ فارتقى من