إذا نظرنا في متن الحديث فلا نجد صلة له بالمهدي في بادئ الرأي ولكن الإمام أبا داود أخرجه في أبواب المهدي. وأخرج ابن حبان في صحيحه حديثا عن أم سلمة يشتمل على قصة جيش الخسف وعنونه بقوله: ذكر الخبر المصرح بأن القوم الذين يخسف بهم إنما هم القاصدون إلى المهدي في زوال الأمر عنه (1). وسيأتي في القسم الثاني من الكتاب.
وبالنظر في متنه يقوى الظن على ما قاله الإمام ابن حبان إذ أنه يشتمل على بعض القرائن والأوصاف التي تتصل بالمهدي كبقائه سبع سنين وإحيائه لشريعة الإسلام وغير ذلك. ولكن كما سنرى أن ذلك الحديث إسناده ضعيف فلا نستطيع الاعتماد عليه. ولذلك لم نر الأئمة الآخرين حملوا هذا الحديث على المهدي ولا أخرجوه في أبوابه.
وهناك أقوال أخرى في تعيين ذلك الجيش: فقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: " وقال ابن القين: يحتمل أن يكون هذا الجيش الذي يخسف بهم هم الذين يهدمون الكعبة فينتقم منهم فيخسف بهم. وتعقب بأن في بعض طرقه عند مسلم (إن ناسا من أمتي) والذين يهدمونها من كفار الحبشة وأيضا فمقتضى كلامه أنهم يخسف بهم بعد أن يهدموها ويرجعوا وظاهر الخبر أنه يخسف بهم قبل أن يصلوا إليها " (2).
وقال الإمام البخاري في باب هدم الكعبة: قالت عائشة رضي الله عنها: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " يغزو جيش الكعبة فيخسف بهم "، وأخرج فيه حديث يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة. وقال ابن حجر في الشرح: فيه إشارة إلى أن غزو الكعبة سيقع فمرة يهلكهم الله قبل الوصول إليها وأخرى يمكنهم والظاهر أن غزو الذين يخربونه متأخر عن الأولين (3).
وبناء على هذا لا نجد دليلا صحيحا صريحا على أن الجيش الذي