بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه، ومن اهتدى بهديه، وتمسك بسنته، ودعا بدعوته.
وبعد: فإن أفضل الأعمال وأرجاها، وأجلها وأعلاها، نشر العلم الصحيح الذي نزل به الروح الأمين على أطهر قلب، وأشرف لسان، وأفضل رسول، المجتبى لحمل الرسالة العظمى، نبي الهدى ورسول الإنسانية، ورحمة الله للعالمين، سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه، الذي أدى الأمانة على أكمل وجه وأحسنه، وبلغ الرسالة في شريعة مرسومة النظام، واضحة التعاليم، لا تناقض فيها ولا اضطراب، وبين للناس ما نزل إليهم من ربهم، تبيانا جليا مستقيما لا لبس فيه ولا إبهام، أزال كل الشكوك والأوهام، فبدد المخاوف وحدد العلاقات، ورسم الخطط الكفيلة بسعادة كل المجتمعات، بتأييد سماوي من الله وبروح ووحي منه.
إن لنشر كتب الحديث النبوي والتشريع الإسلامي ومحاسنه ومزاياه، مزية رفيعة عالية في قلوب المسلمين منذ بعثة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، فقد حرص المسلمون على حفظ السنة النبوية وإذاعتها ونشرها والدعوة إليها والدود عنها، باذلين في هذا السبيل النفس والنفيس، وكل غال ورخيص، فالحرص على التعليم والمثابرة عليه والنشاط الملحوظ دأبهم، والتحصيل والحفظ والإتقان غايتهم، ونشر السنة أغلا أمانيهم، وإيصالها إلى أكبر عدد ممكن من الأمم والاهتداء بهديها للانتفاع بها أسمى هدفهم، غايات مقدسة سداها ولحمتها معرفتهم التامة بمقدار هذا الدين الإسلامي المختار لهداية البشرية جمعاء.
إن من خير الكتب المؤلفة في هذا الشأن، كتاب " الدراية في تخريج أحاديث الهداية " لخاتمة الحفاظ الإمام الجليل أحمد بن علي بن محمد بن حجر العسقلاني، فهو من خير ما ألف في أحاديث الأحكام، اختصره من كتاب " نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية " للحافظ الزيلعي، وكم كان حسنا هذا العمل الرائع من كليهما: