شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ٢٨
وأنكرت الصحابة على أبى موسى قوله: إن النوم لا ينقض الوضوء، ونسبته إلى الغفلة وقلة التحصيل، وكذلك أنكرت على أبى طلحة الأنصاري قوله: إن أكل البرد لا يفطر الصائم، وهزئت به ونسبته إلى الجهل.
وسمع عمر عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب يختلفان في صلاة الرجل في الثوب الواحد، فصعد المنبر وقال: إذا اختلف اثنان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فعن أي فتياكم يصدر المسلمون! لا أسمع رجلين يختلفان بعد مقامي هذا إلا فعلت وصنعت.
وقال جرير بن كليب: رأيت عمر ينهى عن المتعة، وعلي عليه السلام يأمر بها، فقلت: إن بينكما لشرا، فقال علي عليه السلام: ليس بيننا إلا الخير، ولكن خيرنا أتبعنا لهذا الدين.
قال هذا المتكلم: وكيف يصح ان يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم)، لا شبهة أن هذا يوجب أن يكون أهل الشام في صفين على هدى، وأن يكون أهل العراق أيضا على هدى، وأن يكون قاتل عمار بن ياسر مهتديا،. قد صح الخبر الصحيح أنه قال له: (تقتلك الفئة الباغية)، وقال في القرآن: (فقاتلوا التي تبغى حتى تفئ إلى أمر الله)، فدل على أنها ما دامت موصوفة بالمقام على البغي، مفارقة لأمر الله، ومن يفارق أمر الله لا يكون مهتديا.
وكان يجب أن يكون بسر بن أبي أرطاة الذي ذبح ولدى عبد الله بن عباس الصغيرين مهتديا، لان بسرا من الصحابة أيضا،. كان يجب أن يكون عمرو بن العاص ومعاوية اللذان كانا يلعنان عليا أدبار الصلاة وولديه مهتدين، وقد كان في الصحابة من يزنى ومن يشرب الخمر كأبي محجن الثقفي، ومن يرتد عن الاسلام كطليحة ابن خويلد، فيجب أن يكون كل من اقتدى بهؤلاء في أفعالهم مهديا.
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»
الفهرست