شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ١٧
والبراءة من فاعله، ومن أوكد عرى الايمان، وصار كشف بيت فاطمة والدخول عليها منزلها وجمع حطب ببابها، وتهددها بالتحريق من أوكد عرى الدين، وأثبت دعائم الاسلام، ومما أعز الله به المسلمين وأطفأ به نار الفتنة، والحرمتان واحدة، والستران واحد. وما نحب ان نقول لكم: إن حرمة فاطمة أعظم، ومكانها أرفع، وصيانتها لأجل رسول الله صلى الله عليه وآله أولى، فإنها بضعة منه، وجزء من لحمه ودمه، وليست كالزوجة الأجنبية التي لا نسب بينها وبين الزوج، وإنما هي وصلة مستعارة، وعقد يجرى مجرى إجارة المنفعة، وكما يملك رق الأمة، بالبيع و الشراء ولهذا قال الفرضيون:
أسباب التوارث ثلاثة: سبب ونسب وولاء، فالنسب القرابة، والسبب النكاح، والولاء: ولاء العتق فجعلوا النكاح خارجا عن النسب، ولو كانت الزوجة ذات نسب لجعلوا الأقسام الثلاثة قسمين.
وكيف تكون عائشة أو غيرها في منزلة فاطمة، وقد أجمع المسلمون كلهم من يحبها ومن لا يحبها منهم إنها سيدة نساء العالمين!
قال: وكيف يلزمنا اليوم حفظ رسول الله صلى الله عليه وآله في زوجته، وحفظ أم حبيبة في أخيها، ولم تلزم الصحابة أنفسها حفظ رسول الله صلى الله عليه وآله في أهل بيته، ولا ألزمت الصحابة أنفسها حفظ رسول الله صلى الله عليه وآله في صهره وابن عمه ابن عفان، وقد قتلوهم ولعنوهم، ولقد كان كثير من الصحابة يلعن عثمان وهو خليفة، منهم عائشة كانت تقول: اقتلوا نعثلا، لعن الله نعثلا، ومنهم عبد الله بن مسعود، وقد لعن معاوية علي بن أبي طالب وابنيه حسنا وحسينا وهم أحياء يرزقون بالعراق، وهو يلعنهم بالشام على المنابر، ويقنت عليهم في الصلوات، وقد لعن أبو بكر وعمر سعد بن عبادة وهو حي، وبرئا منه، وأخرجاه من المدينة إلى الشام، ولعن عمر
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»
الفهرست