شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ١٩٥
يبرح القعقاع من ذلك الموضع يكلم معاوية ومعاوية يخاطبه حتى أمر له بمائة ألف درهم، فأحضرت إليه، فجعلت إلى جانبه، فلما قام قال للرجل القائم له من مكانه:
ضمها إليك، فهي لك بقيامك لنا عن مجلسك، فقيل فيه:
وكنت جليس قعقاع بن شور * ولا يشقى بقعقاع جليس (1) ضحوك السن إن نطقوا بخير * وعند الشر مطراق عبوس أخذ قوله: (ولا يشقى بقعقاع جليس) من قول النبي صلى الله عليه وآله: (هم القوم لا يشقى بهم جليسهم).
ويكنون عن السمين من الرجال بقولهم: هو جار الأمير، وضيف الأمير وأصله إن الغضبان بن القبعثري كان محبوسا في سجن الحجاج، فدعا به يوما فكلمه، فقال له:
في جملة خطابه: أنت لسمين يا غضبان، فقال: القيد والرتعة، والخفض والدعة، ومن يكن ضيف الأمير يسمن.
ويكنى الفلاسفة عن السمين بأنه يعرض سور حبسه، وذلك أن أفلاطون رأى رجلا سمينا، فقال: يا هذا، ما أكثر عنايتك بتعريض سور حبسك!
ونظر أعرابي إلى رجل جيد الكدنة (2)، فقال: أرى عليك قطيفة محكمة.
قال: نعم، ذاك عنوان نعمة الله عندي.
ويقولون للكذاب: هو قموص الحنجرة، وأيضا هو زلوق الكبد، وأيضا لا يوثق بسيل بلقعة. وأيضا أسير الهند لأنه يدعى إنه ابن الملك، وإن كان من أولاد السفلة.
ويكنى عنه أيضا بالشيخ الغريب، لأنه يحب ان يتزوج في الغربة فيدعى إنه ابن خمسين سنة، وهو ابن خمس وسبعين.

(1) كنايات الجرجاني 111.
(2) الكدنة: كثرة الشحم واللحم.
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»
الفهرست