شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ١٩٠
وفى هذا المعنى قال الشاعر:
ارفع ضعيفك لا يحر بك ضعفه * يوما فتدركه الحوادث قد نما (1) يجزيك أو يثنى عليك وإن من * يثنى عليك بما فعلت فقد جزى.
ومثله أيضا:
وأكرم كريما إن أتاك لحاجة * لعاقبة إن العضاة تروح.
تروح الشجر: إذا انفطر بالنبت، يقول إن كان فقيرا فقد يستغنى، كما إن الشجر الذي لا ورق عليه سيكتسي ورقا، ويقال: ركع الرجل، أي سقط.
وقال الشاعر:
خرق إذا ركع المطي من الوجى * لم يطو دون رفيقه ذا المرود حتى يؤوب به قليلا فضله * حمد الرفيق نداك أو لم يحمد.
وكما يشبهون الشيخ بالراكع فيكنون به عنه، كذلك يقولون يحجل في قيده لتقارب خطوه، قال أبو الطمحان القيني:
حنتني حانيات الدهر حتى * كأني خاتل أدنو لصيد قريب الخطو يحسب من رآني * - ولست مقيدا - إني بقيد.
ونحو هذا قولهم للكبير: بدت له الأرنب، وذلك إن من يختل الأرنب ليصيدها يتمايل في مشيته، وأنشد ابن الأعرابي في النوادر:
وطالت بي الأيام حتى كأنني * من الكبر العالي بدت لي أرنب.
ونحوه يقولون للكبير: قيد بفلان البعير، أي لا قوه ليده على أن يصرف البعير تحته على حسب إرادته، فيقوده قائد يحمله حيث يريد.

(1) للسمؤل بن عادياء، ملحق ديوانه 53.
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»
الفهرست