شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ١٩٣
حسبك ما أغناك به معاوية، قال: فهو إذن الحي وأنت الميت، ومثل قولهم:
عظامي، قولهم: خارجي، أي يفخر بغير أوليه كانت له، قال كثير لعبد العزيز:
أبا مروان لست بخارجي * وليس قديم مجدك بانتحال ويكنون عن العزيز وعن الذليل أيضا فيقولون: بيضة البلد، فمن يقولها للمدح يذهب إلى إن البيضة هي الحوزة والحمى، يقولون: فلان يحمى بيضته، أي يحمى حوزته وجماعته، ومن يقولها للذم يعنى إن الواحدة من بيض النعام إذا فسدت تركها أبواها في البلد وذهبا عنها، قال الشاعر في المدح:
لكن قائلة من لا كفاء له * من كان يدعى أبوه بيضة البلد (1) وقال الآخر في الذم:
تأبى قضاعة لم تعرف لكم نسبا * وابنا نزار فأنتم بيضة البلد (2) ويقولون للشئ الذي يكون في الدهر مرة واحدة: هو بيضة الديك، قال بشار:
يا أطيب الناس ريقا غير مختبر * إلا شهادة أطراف المساويك (1) قد زرتنا زورة في الدهر واحدة * ثنى ولا تجعليها بيضة الديك ويكنون عن الثقيل بالقذى في الشراب، قال الأخطل يذكر الخمر والاجتماع عليها:
وليس قذاها بالذي قد يضيرها * ولا بذباب نزعه أيسر الامر (4) ولكن قذاها كل جلف مكلف * أتتنا به الأيام من حيث لا ندري

(1) من أبيات لامرأة من بنى عامر بن لؤي، ترثى عمر بن ود، اللسان (بيض).
(2) اللسان (بيض) ونسبه إلى ابن الرقاع.
(3) من أمالي القالي 1: 228.
(4) كنايات الجرجاني 111.
(١٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 ... » »»
الفهرست